الاثنين، 3 أبريل 2017

الحب خدعة ابتكرها العاجزون


يقال و العهدة على الراوي أن الحب خدعة ابتكرها العاجزون ،، 
أنا رقية عمري تسعة و ثلاثون عامًا متزوجة ، أحب زوجي و أحب كل الرجال!  لا اعلم إن كنتِ ستنشري رسالتي أم أنك مثل الكثيرات ستهاجميني علنًا و تتفقي معي سرًا في كل كلمة سأكتبها هنا، لا اعلم إن كنتِ ستنشري رسالتي أم أنك ستكتفي بأحلام المراهقات،، سيدتي هذه الرسالة حقيقية كل مافيها حقيقي، الألم حقيقي و الحب ايضا حقيقي. 
يقول طبيبي النفسي أن أول خطوات العلاج هي الاعتراف بالمرض،، أنا اعترف أني مريضة،، مريضة بحاجتي للحب، و احتياجي قاتل ياسيدتي، شرع الله الزواج ليرضي احتياج الرجال للجنس لكن ياسيدتي لم يشرع لنا الزواج لنحب،، تزوجت لأني صار عمري ثلاثون عامًا و من هي مثلي لها طفلان في سن المدرسة، تزوجت كي لا اكبر وحيدة بلا ونيس، تزوجت كي لاتوصم أسرتي أن في بيتها عانس،، تزوجت أول رجل مناسب رجل يقدس الحياة الزوجية بكل تفاصيلها،، يعمل و ينفق على أسرته،، يعمل و يأكل من يد زوجته، يلبس من كي و طي زوجته، ينام مع زوجته، ثم ينصرف كليةً عن زوجته،، لتتزوج هي و لها أطفال في سن المدرسة و تحيا وحيدة و تقع عليها المعاشرة غصبا،، منفذها الوحيدة أحلامها،، صرت أحلم أن يعود زوجي ذات ليلة حاملا باقة من القرنفل الأحمر، أحلم أن يقبلني مئة مرة قبل أن يخلد كلا منا لفراشه فقط مئة قبلة، أحلم أن يموت زوجي ربما اجد عشرة رسائل يخبرني فيها أنه يحبني على غرار فيلم ملحوظة أنا احبك،، ربما أن يحبني أحد على غرار جوني ليجيند في اغنية all of me،، لكن الحكاية لم تسر على هذا المنوال، و على عكس ماتوقعه طبيبي المعالج ، أسرفت في احلامي المجنونة حتى صرت احلم بطبيب الاطفال برقته و بشاشته و تعاطفه الشديد معي كلما مرض أحد اطفالي بالذات تلك اللحظة التي ربت فيها على كتفي كانت تعني لي الكثير ياسيدتي ، أما مدرس اللغة العربية فقد تعدت علاقتنا العلاقة المهنية و صرنا نتبادل الروايات و لا أعلم من منا الذي بدأ يترك للأخر رسائل خفية بين السطور و لا متى بدأنا نتردد على أندية الكتب سويا و لا كيف انسحب مع انتهاء العام الدراسي،، لكن ماازعجني حقا هو ماقاله طبيبي النفسي في وقتٍ لاحق أني تعديت مرحلة ايذاء نفسي بأحلام اليقظة إلى مرحلة ايذاء الاخرين حدث هذا في الصيف ياسيدتي،، كنا في المصيف نقضي اسبوع مع صديق لزوجي و زوجته ، لم يكن الصديق المفضل لزوجي لكن صدفة بحتة جمعتنا في مكان واحد ، متى أحببته حقا! هل حدث عندما كان يجلس بارتخاء على الشاطيء عاري الصدر يضع نظارة الشمس بحيث لا تستطيع أن تتنبأ في أي اتجاه تقع عيناه لكني كنت متأكده أنه ينظر إلي أنا، بينما زوجته تلهو مع أطفالي يبنون قلاعً وهمية اقتربت منه و سألته إن كان يحب أن نتمشى على الشاطيء سويا،، لم اجد غضاضة في ذلك و زوجي يضع سماعة الأيبود في أذنه و يداه تكتب بحركة محمومة مئات الرسائل لعدة اشخاص في الوقت ذاته! بدون أي مقدمات اخبرته عن الطبيب النفسي الذي اذهب اليه و أني اعالج من الاكتئاب المزمن، سألته إن كان زوجي اخبره أي من ذلك و لكن زوجي لم يفعل مع انه كثيرا مايسخر من جنوني أمام عائلته و بعض من اصدقائه،، من العبث أن تقول للمريض النفسي بالاكتئاب أنه يحتاج أن يرى اماكن جديدة أو أن يغير جو !! لكنه فعل بعفويته فعل،، بطيبته الشديدة أخبرني انه و زوجته سيقفون بجانبي و سيدعموني،، برقته أخبرني أن الحياة لن تقف و أني فقط احتاج إلى الحب،، و انا رأيت الحب في وجهه حينها و عرفت أن خلاصي سيكون معه، عدنا الى جلستنا نظرت إليّ زوجته برقة شديدة تعرض علي أن نذهب لحمام السباحة الخاص بالسيدات لبعض الوقت للسباحة  و نترك الاطفال للرجال، وافقت على غضاضة لا أريد أن اتقرب اليها لا يعجبني ذلك النوع من النساء اللاتي تمتلىء بالطاقة الايجابية،، تلك السيدة التي ترى الآلق في عيناها اينما حلت،، ثقتها في نفسها تنعكس على كل مافيها ،، بدء من القرط الفضي الطويل يقارب كتفيها و شعرها الاسود المنسدل حتى منتصف ظهرها،، ترى ثقتها في بنطالها الجينز الازرق الفاتح ذو الخصر المنخفض عند  ذلك المنعطف بين خصرها الدقيق و قبل ذلك الالتواء المثير عند فخذيها في تناغم شديد مع تي شيرت ابيض يقف اسفل خط البنطال بعدة سنتيمترات،، و ربما هو قصر بنطالها و الخلخال الملون الذي ترتديه،، اكاد اقسم أن امرأة مثل هذه لم تعرف الأحزان طريق اليها،، تزوجت رجل وسيم دافيء مشاعره فياضه يحيط كتفيها بذراعه طيلة الوقت حتى أن الدماء تفور في عروقي بشدة و أنا اجلس في طرف الغرفة و زوجي في طرفها الاخر أينما حللنا، امرأة مثل هذه عندما ذهبنا إلى حمام السباحة هي لاتمتلك أدنى غضاضة أن تخلع ثيابها كاشفة عن ثوب السباحة الاسود و تفاصيل جسدها المثير بينما أنا اتلكأ و اتعلل بالكثير من العلل الواهية عن كرهي لحمامات السباحة و الخوف من عدوى الأمراض الجلدية و اقاوم بشدة و كيف لا أفعل و حتى ثيابي اخلعها امام زوجي و الانوار مطفأة،، ضحكتها الرائقة و هي ترش الماء في جسدي و النار التي تشتعل في صدري و قلبي الذي يؤلمني أني لست مثلها،، اخجل من جسدي المترهل و من شعري الذي غزا الشيب اوله بعنف و من خلو اذني حتى من قرط ذهبي بسيط حتى مجاملتها الرقيقة لي عن جمالي الشديد بدون الايشارب و بشعري القصير المثير جدا على حد قولها لم اصدقه،، حسدتها على كل ماتملك و مالا أملك، اريد جسدها و اريد قرطها الجريء و اريد زوجها الحنون و نمت ليلتي مرهقة باكية متألمة اشفق على نفسي اكثر بعد أن عثى زوجي الفساد في جسدي المرهق في الظلام و غط في النوم دون التفاتة حب واحدة، 
يقال أن المرأة التي بقت طويلا في الظل تتألق بشدة اذا أحبت ،، و انا وجدت نفسي غارقة في حب هشام،، تعمدت أن اجلس معه طيلة الوقت حديثنا الطويل عن مؤلفات يوسف ادريس الواقعية التي تعري المجتمع و كيف أنها لاتلق رواجًا شديدًا من مجتمع اعتاد أن يدفن رأسه في الرمال طالبا الروايات الرومانسية الفارغة ليوسف السباعي لا تودي و لا تجيب هكذا قلت،، رفعت هند رأسها إلي في دهشة، قالت " مش معقول معيطتيش و أنتي بتقرأي نادية او لا ترحلي؟؟" في ذهني حائرة بين نعم ياما ليالٍ طوال بكيت و أنا اقرأ هذه الروايات و بين الواقع الذي تفتحت عيناي عليه بعد زواجي عالم مواز للنداهة و الحرام و غيرها ليوسف ادريس، عندما اجبت كانت لا تعرف عن الروايات سوى الأفلام التي اقتبست منها و بطلاتها، هل رأيت ذات النظرة الساخرة في عينا هشام أم انه كان محض خيال!
تلك الليلة لم أنم محمومة تتصارع الأفكار في رأسي حتى يؤلمني عنفها، غاضبة أنه معها هي في غرفتها في سريرها و أنا وحدي بدونه. 
الصباح التالي كانت تكونت في رأسي فكرة مؤذية جديدة لماذا لايكون هشام لي انا، لماذا لا يحبني انا، لا اعرف سوى حاجتي الشديدة لاحتواء رجل لمشاعري المتراكمة بلا بوح على مر السنين! 
هل كان حقا يعنيها عندما اخبرني أن اجهز نفسي لنسهر في الحديقة "انه يوم الخميس سيذيع الراديو اليوم أغنية أم كلثوم أغدًا ألقاك " هو لم يستثني زوجته و أنا لم استثني زوجي لكن عجبًا أني لم اراهم في تلك الليلة، قضيت ليلتي هائمة مع اللحن البهيج و لوعة الأنتظار و الشوق اليه و لسان حالي يدندن يالشوقي و احتراقي في انتظار الموعد! هل كان يبادلني نظرات اللهفة ذاتها ام أني اتوهمها كما توهمت اهتمامه،، هل حقًا كنت اشتم رائحة مسك الليل و اسمع وشوشة البحر البعيد و اشعر بضمة ذراعٍ على كتفي أم أني في الوهم سارحة اعتنق خيالي المريض. 
انتهت اجازة الصيف القصيرة و عدت لحياتي المهرولة بين طلبات بيت لا تنتهي و زوج كادح أراه و لا أراه و اطفال صاخبون، وجدت نفسي اتلصص على حياة هشام الالكترونية و هاتفه النقال و اصبحنا نتبادل مئات الرسائل اليومية نحكي بلاتوقف حكايات لم يخرج فيها عن النص المرسوم يومًا بقدرة عجيبة أن يظل لا تشوبه شائبة لم يعمل على استمالتي يوما و كل مقاومة من تجاهه كانت تعني مزيدا من الاصرار مني، أتحين الفرصة لأخبره عن ضعفي و احتياجي، عن اهتمامي، عن غيرتي من زوجته الكاملة لا تنقصها نقيصة، عن زوجي الذي لا يشبعني، ظل حذرًا يزيح كفة الحديث كلما انحرفت وجهتي حتى ماعدت احتمل نار الشوق التي تعتمل في قلبي، يقال و العهدة على الرواي أن هولاء الذين لا يؤمنون بالسحر في العالم لن يجدوه كيف أجد الحب، الحب ليس في بيتي الحب في بيت هشام و في قلب هشام، صدقت نفسي و انا اقنعها بأنه لم يبح بحبه لي لأني زوجة و هو زوج و لأن زوجي صديقه، عقدت العزم و طلبت منه أن نلتقي، سألني أن نحضر الى منزله انا و زوجي و نسهر سوية في ليلة خميس أخرى ستغني فيها أم كلثوم مادام تحب بتنكر ليه و كأنها رسالة القدر لي اعتذرت بانشغال زوجي و طلبت أن القاه صباح الجمعة! كان سكوته محيرا او أني كنت الحمقاء كيف أني كنت لا أقرا العلمات التي تركها لي،   
سهرت ليلة الخميس محلقة اسمع أم كلثوم و احلم بلقائه، اتخيل ايدينا المتعانقة، اتخيل خطتنا المرسومة بعناية للهروب، انظر لأولادي النائمين في ألم، كيف أني اقنعت نفسي أنه سيكون من الأفضل لهم غياب أمٍ سعيدة عن حضور أمٍ مكسورة حزينة بلا روح، اهز رأسي في وهن افكر في الأرق الذي يملأني و ام كلثوم تقول لو عايز تراضيني و تصالح النوم على عيني،، متى غفلت و اسلمت للنوم عقلي و متى استيقظت مسرعة ارتدي ماشاء لي من الثياب مهرولة الى موعدنا المنتظر، يجلس بهي الطلة في قميصه الأبيض و نظارته الشمسية التي لاتفارقه سألني برقة ماذا أشرب طلب كأس من عصير البرتقال لنفسه و لي فنجان اسبرسو سنجل عدل من وضع جلوسه ليصبح بعيدا عن اشعة الشمس و خلع نظارته و نظر الي يستحثني على الحديث، كنت اجلس مدلاة الكتفين و قد عقدت كفي في حجري رفعت نظري اليه و اخبرته أني احبه و أني اعلم أنه يحبني و أنه لا داع للمكابرة و أني سأطلب الطلاق، تساقط كتفاي المشدودين و رفعت يدي المتعرقتان إلى الطاولة ، مد يده إلي و ضمهم بقوة و قال أنه يعلم بمحنتي لكنه لا يكن لي ذات المشاعر و أنه يحب زوجته جدا و قد حضر بناء على رغبتها كي نخبرك سويا أنا و هي أننا يمكننا مساعدتك، أنني حقا احتاج الى الحب لكن هذه ليست الطريقة المثلى، يعرض علي دروس في الرسم و الموسيقى و اليوجا و أن اصطحب زوجي الى استشاري علاقات زوجية، تنحنح و هي يقول أني بحاجة الى فقدان المزيد من الوزن و أن زوجته قد تساعدني لتغيير الطريقة التي ارتدي بها ثيابي. ماذا بنفسي فعلت! سيبقى صديقي! كيف! زوجته تعرف!! اي مهرج صنعته من نفسي!!! يوجا و رسم و استشاري علاقات زوجية هكذا يظن الحكاية، خجلة مطرقة نهضت دون أن اشرب القهوة امشي في الطرقات ذاهلة و لسان حالي يقول ماذا بنفسي فعلت و ماذا كنت انتوي أن افعل هل كنت سأهرب و أرمي حياتي السابقة خلف ظهري، اقف امام انعكاس صورتي في زجاج احد المحلات المغلقة البنطال الأسود ذاته الذي ارتديه كل يوم و في كل مناسبة و البلوزة البيضاء و ايشارب احمر بنقشات بيضاء صغيرة ، تراجعت فزعة ظننت اني اراها بثقتها المتناهية في نفسها ببنطالها الجينز القصير و القميص الوردي و شعرها الأسود الغجري تنظر الي في عيني بتحدي، هل كان سيتركها من أجلي أنا، أنا المريضة بالعجز التام عن رؤية الحقائق ، أنا المثقلة بأحمال ثقيلة من ضعف الارادة و انعدام الثقة، أنا الجوعى الى الحب، أنا الموصومة بالعهر. عدت الى البيت لأجد الكل نيام مازالوا،ارتدي اسدالي الحريريالأزرق اللون و انقطع في صلاة طويلة تنتهي بنشيج عالي في سجدتها الأخيرة أودع سري للذات الألهية و الوجع الذي لاينتهي،،أقسم على الله ثلاثا أن يعفو عني و يغفر ذنوبي التي اعلمها و ذنوبي الصغيرة التي لاأكترث لها و ذنوبي السرية التي لايراها سواه،،أتسآءل مرارًا متى تُهتك الغلالة الرقيقة التي يظنها الكثيرون براءة ،  ان كنت أستحق هذا الستر،،، أرجم نفسي ألف مرة على أفكارشيطانية لم افعلها و إن تمنيت فعلها مئة مرة ، اخرج البيض و الجبن و طبق الفول و اسخن العيش و اجهز الشاي بلبن و اترك ورقة بجوار سرير زوجي اطلب الطلاق.
"نجوت من التجربة لكني لا اثق أني سأنجو كل مرة من أجل هذا سأتركك ربما يسعدني حظي برجل مختلف بملامح لا تشبه أي رجل اخر بملامح اكثر حنانا و اطلالة أقل قسوة و بلمسة تشبه القبلة. سأتركك لأجد نفسي حتى و إن لم يسعدني حظي لأكون في كنف رجل. أخبر الأولاد أني أحبهم و أن يحييوا سعداء" .

الثلاثاء، 29 نوفمبر 2016

رجل المصعد



  


اعتقدت أني سأعرف الذئب حين أراه،
كنت واهمة 

يقف المصعد قبل أن ينطلق ليفتح الباب، يطل علي بهيبته و رائحته التى ادركتها في اللحظة نفسها التي رميت ناظري في اتجاه الأرض مغمغة بتحية لا أعرف كنهها و لا أبه أن تكون واضحة،
ادعو فقط أن تمضي الدقائق سراعا قبل أن يفضحني شهيقي و زفيري، مترقبة يداه الغاويتان فوق أزرار المصعد، تتسمر عيناي أمام اليدين الغاويتين.
هو !

أصابعه الطويلة ذات العقل الداكنات و الشعيرات النابتات تضغظ أزرار المصعد و تعود لتحتل مكانها بجوار باقي جسده،
أتمنى لوهلة أن تضمني يداه أو أن تتشابك أصابعنا، أطبق شفتاي كيلا تنبعث منهما آهة بحجم وحدتي، بحجم الفراغ الذي يقتلني، بحجم اشتياقي لونيس ولوغريب،
هل يمكن للمصعد أن يضمنا لعشرة طوابق أكثر أو أن يعطل و نعلق بين السماء و الأرض ربما حينها فقط تلتقي مصائرنا!
ربما لو سمحت له بتحية سيلتهمني أعرف الذئب البشري حين ألقى واحدً و لا أقوا على التنفس أنا الحمل الوديع، يداه التي تفتح باب المصعد تاركة ممرًا ضيقًا لأعبر من خلاله، فزعة أن يلتهمني أو أن أعانقه أنا.

جازعة!  أحتمي بنوافذ السيارة المغلقة و صوت ديدو الحزين يعلن تحرره من قبضة ماكان دومًا حتميًا، أغني معها نافثة عن مكنونات القلب المرهق "لا تمسك يدي لأطول من اللازم،، لست محتاجًا لهذا لا تنظر في عيني لست محتاجًا لهذا،،لست محتاجًا أن تقل وداعا،، يمكنك الاختفاء! "
كيف لجمل بهذه البساطة أن تقل كل مالم أرد قوله، وصلت لمقهى القهوة أركض كأني مازلت أهرب منه لألوذ بشيء يحميني، مكاني المعتاد و فنجان قهوة مر و قطعة شيكولاتة داكنة لا أذكر متى أبدلوها بدلا من المكعب الأبيض الذي لاتحبه بلامذاق  
و طعمه المشابه للزبدة.
تراه من جانب عينيها يجلس كعادته مقابلا لها تماما لكن بعيد تماما عنها لايبدو عليها أنها رأته، تنهي قهوتها على عجالة و تركض لتلحق يومها متجاهلة ككل يوم أن تعامله كجار أو كضيف أو صديق تفضل أن يبقى كشخص أطل متطفلا على عزلتها الانتقائية.
تفضل أن تتجاهل الجرس المحذر بأصرار في رأسها و قلبها الذي يتمنى لو أنه يجوز أن ترد التحية.

 في طريق عودتها تزيح الورقة الملصقة بعناية على الزجاج الخاص بالسائق تطبقها كأنها ستلقيها و تستقل السيارة عائدة، تدخل بيتها و تفتح يدها المطبقتين على رسالة كل يوم يهوي قلبها بين ضلوعها فالورقة تقول: "فاذا علمت قلبي الخوف منك..سلك القلب طريق الخوف مني.. ثم غطني بكفيك و أغفى كغريب نام في حضن غريب"
تشغل الأغنية في جهاز اللابتوب بلوعة عاشق يقول لطفي بوشناق لا أرى كأسك إلا من نصيبي!

بات أكثر جرءة ، هل يعلم بنية الطلاق؟ الأخبار لاتسكت و لابد أنه سمع من شخص أو اخر، تعود بذاكرتها للوراء في اليوم الذي كسرت شرنقتها و طلبت حريتها!
هي التي عبرت أزمات منتصف العمر باقتدار و قد غضت الطرف عن كل زلات زوج عقيم، أناني و قاسِ ،
تنتظر إيماءة رضا على طعام لا يأكله و فراش مهجور و حديث لايتبادلانه، تحترق شوقا لعناق!
كعادته الهاشة الباشة مع الغرباء أخبرني أنه وجه الدعوة لجار لنا سأله البارحة عن رائحة الخبز الرائعة التي كانت تنبعث من بيته و ضحك في تلذذ و هو يشير إلى بطنه الممتلئة أن تعيد صنع قالب كيك الكراميل و الشيكولاته للضيف القادم في المساء و يعود هو للعبث في جهازه المحمول و ألعابه الألكترونية ببيجامته الرمادية المكوية بعناية و ذقنه الحليقة يحتسي كوب الشاي الساخن بصوتٍ مسموع يلقي عليها بالأوامر تلو الأوامر كأنها لم تخلق إلا لتستجيب لأوامره و نواهيه.

قالب كيك الكراميل و الشيكولاتة هو قالب استثنائي اشتهرت به بين عائلتها و اصدقائها، هي لا تجيد صنعه فقط بل أن شيء في مزيج الشيكولاتة الذائبة في الكيك و صوص الكراميل العسلي المذاق و اللون يشبه روحها الرحبة،مع كل قضمة ستشعر أنك لا تنتمي لهذا العالم بل سيولد عالم اخر أكثر دفئا ربما ستتمنى أن يضمك إلى الأبد.

و حضر هو "رجل المصعد" بوسامته و ثيابه الأنيقة و ذقن نابتة و نظرات متلصصة جريئة ..
عرفته من عطره الأستثنائي، الرجل الذي لم أجروء أن ارفع ناظري إليه و أطلت النظر ليداه الغاويتان ، دام حديثنا لساعات و طالت السهرة و رجل المصعد شيق، لبق و دمث، يزين يده اليسرى خاتم فضي ، تشاركنا القهوة و قالب الكيك، الأفلام و الموسيقى و الروايات و أمنيات سرية لم تعلن،
لم يكن زوجي يصغي لأي من الحديث يقلب عينيه بين هاتفه المحمول و الريموت كونترول و يلقي علينا بين الحين و الأخر بنكات سمجة يقرأها لنا من حساب الفيس بوك الخاص به،
في تلك الليلة استأذن رجل المصعد مودعا، استمهل يدي بين يداه دقائق حسبتها دهرا و استمر الحديث المودع خمسة دقائق أو تزيد و زوجي يرى و لا يعي و لا يهتم.


خرج رجل المصعد. و هرع زوجي لأجهزته الألكترونية، 
بكل تفاني ألملم الأطباق المتسخة و الأكواب المستعملة و يعبر في ذهني نظرة رجل المصعد الجائعة هل هو قالب الحلوى، أشغل المكنسة الكهربائية أتلكأ أمام زوجي ألمح عنوان فاضح على قناة اليوتيوب تصعد الدموع لعيني، أتذكر كيف استبقى رجل المصعد يداي بين يديه، أعيد تقسيم قالب الكيك في علب محكمة لأخذها لزملائي في العمل و ألعق مابقي من أثار الشيكولاته و الكراميل فوق أصابعي يحتويني العالم الافتراضي الرحيب لكنه سراعا مايغدو على رحابته كئيبا،
آووي إلى فراشي و انكمش على وسادتي بحزن، أطفيء المصباح المجاور و تنطفيء دنيتي.

طلبت الطلاق ، لماذا انتظرت كل هذا الوقت!

و كأن زوجي كان ينتظرها تم الطلاق بسهولة، ترك البيت لفترة حتى ألملم شتات نفسي و أعيد ترتيب ظروف حياتي. ربما سأترك هذا البيت أنا ايضا، ذات مساء جال في خاطري أن أخرج لأتمشى قليلا و استنشق هواء نقيا،،انقلبت حياتي رأسً على عقب في فترة قياسية.
و كأنه ينتظرني! 

هو موعد مع القدر للمرة الأولى التي أراه فيها ابتسم و أبادله نظرة عين بنظرة عين،
فتح ذراعيه و قال انتظرتك كثيرًا،
دعاني لفنجان قهوة و لم أجد سببًا للرفض فوافقت، واقفًا أمام ذات المقهى ضحك و نظر لطاولتي المعتادة
و سألني إن كنت افضل أن أجلس عليها أم في أي مكان اخر و لم أجد لذلك قيمة كانت قيمة الطاولة تأتي من إحساسي العظيم بالخواء و لجوئي للطاولة كان حاجز وهمي لأحتمي بها من أي شيء،
عندما حضرت القهوة طلب أن يتكلم لكنه لم يكن ينظر لي بذات الطريقة التي كنت أراها في عينيه أو أن إحساسي بذاتي اختلف، بالعكس كان ينظر من خلف الزجاج للطريق الخال من المارة، قال أنه أرمل! نظر إلي ليرى وقع الكلمة علي!
لم أحر إجابة أنا التي كنت أرى الذئب الذي بداخله يتلاشى فجأة، قال أنه لم يقترب من امرأة أخرى منذ سنين، قال إنه كان يشتاق إليها كثيرا حتى رأني، تذكرت المصعد بالطبع و ضحكت
لكنه فاجئني حين قال "أنه كان يراني هنا في المقهى و أنا أجلس وحيدة لنصف ساعة يوميا اطلب ذات فنجان القهوة و لاتمتد يدي للمكعب الأبيض حتى ألمح للنادل ذات مرة أن يبدله بمكعب شكولاته داكنة وعن سعادته يوم التقمت المكعب باستمتاع، نظر إلي تلك النظرة و قال حينها عرفت أنك مختلفة وأن شيء سيجمعنا،رأيت الخاتم الذهبي في يدك و تمنيت أن يكون زوجًا فقدتيه على أن يكون رجل بلا ظل في حياتك، شيء في هشاشتك كان يحتاج لأن ينكسر و زدت يقينا عندما رأيتك مع زوجك،و أنك تسكنين ذات البناية التي أسكنها،و عندما لمست أصابعك الثلجية أيقنت أنك فقدتي روحك منذ زمن. كانت سعادتي تتلخص في الدقائق التي تجمعنا في المصعد معلقين بين السماء و الأرض و أنتي تحجمين عن التنفس، أتمنى فقط أن تردي التحية ،
لكن حقل الطاقة المنبعث من وجودنا سويا كان أقوى منا ينبعث و ينطفىء مع باب المصعد،
كان لابد أن اقتحمك و اكسر الحاجز الزجاجي و اسمح للطاقة أن تغمرنا كلينا، الباقي يجب أن تفعليه أنتي وحدك، أنت ساحرة في كل ماتملكين ، انتظرتك كثيرا جدا ."

الذئب كان في بيتي و أنا كنت الحمل الوديع الأحمق.

هل أخبرته حقًا أني أحتاج إلى عناق!



الجمعة، 26 فبراير 2016

رسالة إلى السيدة ميم: لاتكوني المرأة التي كنتها (الرسالة الثامنة )


صغيرتي ميم
هذه رسالة إلى صديق عزيز أحملك مسئولية وصولها و لاحرج عليك إن لم تفعلي فلا أعرف له عنوان و لا أمل في حضوره لتلقيها!! فقط كوني شاهدة عليها علني بهذا أتخفف من عبئها الذي أثقل كاهلي لسنوات طوال!!!
صديقي الذي كان،
بعد تحية و أشواق لن يبلغوك،، تصلك رسالتي هذه لأقدم لك اعتذار عن المرأة التي كنتها التي هربت من حبك باقتدار و أغلقت في وجهك كل الأبواب ، تعود اليوم لتفقد سيرتك التكنولوجية ،، تتابع أخبارك بشغف و تبحث عن أي بادرة شوق الكترونية تعلنها و تتمنى أي كلمه تعني عودي علها تعود!!
تأخرت كثيرا،، بضعف فيروز ذات الصوت المتكسر و هي تنادي حبيبها في أغنية ليالي الشمال بهذا الضعف كله و هي خائفة مترقبة خلف الأبواب المغلقة التي لن تفتحها حتى لك أنت حبيبها! أعتذر أني لم أكن المناضلة القوية التي أردت ،أني تشبثت بكل خصال البراءة و الخنوع مجتمعة ، أني التي لاحيلة لي في حمرة الخجل التي لاتفارق وجهي كلما رأيتك ،،أني مازلت يتملكني ذات الجزع و الرهبة من صوتك الجهوري أنت يا سيد البوح  غير عابيء بالأصدقاء و الأعداء و المارة من الغرباء تقرأ قصيدة سبارتكوس الأخيرة تعيدها و تزيد "المجد للشيطان معبود الرياح ..الذي قال لا في وجه من قالوا نعم ..من علم الانسان تمزيق العدم .. من قال لا فلم يمت و ظل روحا أبدية الألم" ليتني قلت لا و لم اجزع عندما دعوتني للمقهى الرجالي و لم أنشغل جزعة بالعيون الناقدة و المتفحصة و الوقحة عن العشق في عيناك،،
ليتني لم أقل لا لقالب الشيكولاتة بغلافه الأحمر و الشريطة الذهبية و التي لم أتذوق حلاوتها ليومنا هذا علها تمحو المرارة التي ماتزال عالقة في فمي من جبني و إحجامي أن أخذها و التي كلما بحثت عنها ليومنا هذا لا أجدها و كأن صناعها تضامنوا معك و ما عادوا ينتجونها من أجلك!
أعتذر أن الأمر استغرقني ما يفوق الخمسة عشرة عاما لأدرك فداحة خسارتي و أني من فرط ايماني بمثاليتي كدت أكفر ،،أن الحب لم يكن خطيئة و أنه لابأس أن استمتع بضجيج الموسيقى و أن أضع أحمر شفاه و طلاء أظافر قاني اللون دون أن ينعتوني بالغانية،  و أنه لابأس من بعض خصل نافرات لست بقديسة و لا ينبغي أن أكون ، أن صوتي العالي ليس دليل ضعف موقفي،،أذكر اصرارك و عزيمتك و أنت تحدق في عيني "اصرخي" ،أنه لابأس أن أشتم  و ألعن و أن الغضب فضيلة احيانا بدل الموت قهرا، استغرقني خمسة عشرة عاما لأفتح أبواب قلبي و ألملم العلامات التي تركتها لي على كل باب و أن البكاء راحة كما الضحك راحة وأن قطعة الكريستال التي رأيتها بداخلي قد صقلت أخيرا و صارت تلون الدنيا بالألوان السبع و تبهج أحلك القلوب ظلمة،، أن للأسود بهائه كما للأحمر رونقه،،و البياض وحده لا يصنع سوى لوحة من الملل لا تثير في النفس أي أثر،، استغرقني كل هذا الوقت لأتعلم أن استمتع بكل دقيقة و أن أشعل شمعة و أقرأ كتاب و أرى الجمال في كل وجه و أن لا أحكم على الأخر أبدا و أن الحزن ليس بذنب و تبقى خطيئتي الكبرى أني رفضت دعوتك للسعادة لشخصين.
دمت فارسا


الشاي بلبن و كعكات الماكرون الفرنسية


تنظر إلى وجهها في المرآة، تبتسم لنفسها و يعجبها ماترى، بحواجبها المزججة بعناية و شفتاها
الوردية المكتنزة، تتأمل جسدها في مرآة الدولاب بقميصها الرمادي، ماذا قالت لها بائعة المحل sleeping shirt  ناعم كالحرير كملمس جسدها المرمري يصل إلى ماقبل الركبتين، كانت أمها تقول أن عنوان أي فتاة نعومة ركبتيها و مرفقيها و الكعبين، لهذا كانت توليهم عناية خاصة بعد انتهائها من الحمام بدايةً من الحجر الأسود مرورًا بالفازلين المخلوط ببودرة دم الغزال التي تبتاعها من العطار لتضفي على جسدها لونًا ورديًا مثير، يرن في أذنها أغنية "كعب الغزال يامتحني بدم الغزال" تضحك بغنج تتذكر بائع الحلوى الذي يعيد الأغنية مرارًا و تكرارًا كلما عبرت بجواره خفيض الصوت على استحياء العاشق و هو يقول "متبطل تمشي بحنية ليقوم زلزال" يتلكأ في تعبئة ماتختاره من حلويات عارضًا عليها إن تتذوق الماكرون الكعكعات الفرنسية ذات الألوان المبهجة  يطيل في شرحها كيف أنها أرق أنواع الكعك! هل يراها رقيقة حقا أم أنه فقط يصف الماكرون، في حجم قضمة واحدة أو اثنتين  تحتاج إلى القليل من الوقت لمضغها و هو الذي يعطيك مايكفي لتستمتع بطعمها أكثر من لو كانت هشة أو كاملة القرمشة كأنواع أخرى من الكعك، ضبطته مرة يطيل النظر للخاتم الماسي الكبير في يدها الذي يحتل أصبع السبابة و عندما انتبه لها أرخى عينيه في خجل و اضطراب لم يخفى عليها و إحجامه عن القاء نكاته البسيطة لها فيما بعد و التي كانت تضحكها فتقهقه غير عابئة بنظرات المشتريين الأخرين. نجحت في الحصول على رقم هاتفه بحجة أن تطلب الحلويات بدل الحضور بنفسها، لكنها أبدًا لم تنقطع عن شراء الحلوى و أيضًا لم تحادثه و لا مرة مكتفية باسترجاع اللحظات القليلة التي تقضيها في الحديث إليه و قد ارتبط في ذاكرتها الحسية الماكرون و هُو . تتنهد و هي تضع عطر لوليتا لمبيكا على شكل تفاحة هذا العطر المسكر الذي أهدته لها زوجة خالها التي تعيش في الكويت أول مرة قائلة "يليق بك" ليصبح عطرها المفضل ،تجلس على طرف السرير، تنادي الخادمة الأفريقية تطلب العصير البارد،  ترفع قدميها قبالتها على كرسي مقابل و تبدأ في طلاء أظافرها باللون الأحمر البطيخي، ليس أحمرً قانيًا و ليس ورديًا ايضًا هو حار كصيف يونيو و بارد كنسيمه. تنتهي من طلاء أظافرها، تشرب عصير الرمان و  ترمي بجسدها على السرير و تروح في أغفاءة قصيرة ترى فيما يرى النائم أن حبيبها أمير شاب حسن الملبس طيب الرائحة ، تفيق على صوت الباب يغلق بقوة.
"سليم" زوجها الذي تحسدها صديقاتها على زواجها منه أخذها من فقر بيتها إلى فيلا واسعة  أنيقة لها حديقة مزدانة بالأشجار و يحرسها رجل أمن بزي أزرق أنيق، يحسدنها على زوجها و نعومة جلدها ذي الملمس الطفولي الذي حرصت على نظافته و نعومته مرتضية ألم قطعة السكر تغض الطرف عن وجع اللحظة راضية بسخرياتهن منها و وصفهن لها بالسادية الصغيرة راضيات هن بطرق أقل إيلامًا غير راضيات بأزواج أقل ثراءً و إن كن أصغر سنًا.
 "سليم" ذو الخمسين عامًا صاحب الشركة التي كانت تعمل بها في السكرتارية، نسي أن يتزوج في خضم عمله و نجاحاته، يوم أن رآها أول مرة ناهرًا تلكأها في العمل ليسقط فيما بعد صريعًا لدلال صوتها و إيماءتها و ضحكاتها الصاخبة.
يقبل عليها ليحتضنها كعادته كلما عاد من الخارج، يرمي بثقله على جسدها الغض، يدفن وجهه في رقبتها يستنشق رائحة الفاكهة المسكرة مخلوطة برائحة جلدها، يتنهد و يخبرها كم يحب رائحتها الشهية و كيف أنها غضة دائمًا يؤكد أنه أشتم رائحة العطر وحده مئة مرة لكنه لايشبه أبدًا الرائحة التي تنبعث منها، تبتسم لنفسها في مكر هي تعلم السر الذي لايعلمه، عوالم العناية بجسدها التي لاتنضب و السر هذه المرة في الحمام البلدي الذي تزوره مرة أسبوعيًا تسلم نفسها طواعية للتمسيد و التدليك و حرارة البخار الساخن و العرق المتصبب بغزارة و فور أن تنتهي تأخذ حمامًا باردًا و تدهن جسدها بخلطة من الزيوت الطبيعية و المسك، تخرج من أفكارها على لمساته التي صارت أكثر ثقلاً و صوت أنفاسه المتلاحقة تدفعه برفق وتتعلل بالغداء، تشرد روحها بعيدًا تعلم أنه لامفر بعد تناول الطعام، تتذكر قبلاته فتشعر بالغثيان، طعم قبلاته مزيج منفر من السجائر و الشاي باللبن الذي تكره رائحته و طعمه، ألمحت مرة أنها تفضل أن يغسل أسنانه قبل أن يقبلها فاجئها برده الوقح "الله يرحم أبوكِ" يحتقن وجهها و هي تتذكر و تتجمع دموع القهر في عيناها و تتذكر بائع الحلوى الشاب القوي المفتول ذو الضحكة اللؤلؤية ،أين هي اليوم منه و من زوجها و أسنانه الصفراء، لكن لايجوز لحوار النفس أن ينتهي هكذا كيف و قد عودت نفسها على الصراحة يجب أن تضيف إلى ماسبق أمواله و سيارته و الفيلا الفاخرة و أكثر.
تصدر منها التفاتة لشريط اختبار الحمل ذو الخطيين الورديين و دموعها المتسارعة هل تسعد و قد ضمنت أرث كبير و وجاهة اجتماعية مدى الحياة أم تبكي على ذرية بائسة ستحضرها إلى العالم ، تبكي جسدها المرهق و الزيف الذي صار جزء لا يتجزء من ملامح وجهها، لاتعلم إن كانت سعيدة حقًا أو أنها من فرط ادعائها صدقت السعادة التي تعيش فيها، يؤلمها جلده الجاف المترهل و لهاثه و عجلته و طعم الشاي في فمه ، يؤلمها استدعاء نشوة كاذبة و أحلام اليقظة ببائع الحلوى و أحمد عز و كريم عبدالعزيز، هل تستطيع العيش في انتظار نظرة رغبة في عين عابر طريق،  أو لمسة خاطئة متعمدة من سائق أو خادم أو صديق، هل تسقط في بئر الخيانة الالكترونية التي أدمنتها، غرف الدردشة الليلية  يومًا هي  خجلة تتعثر لاتجرؤ على الدردشة و يومًا آخر لبؤة جائعة تتصيد الكلمات من خلف الشاشة.
  و كلما تألمت أكثر ازدادت طمعًا و جشعًا في شراء الملابس و مستحضرات التجميل و العطور و السيارات، و ازدادت عريًا و تحررًا و ازدادت بعدًا عن الأخرين . تخجل أن تقول زوجي و هو في سن والدها ليس سنه فقط لكن ماوراء ذلك من ترجمة للوسط الذي انحدرت منه و الجزم بفقرها و جشعها مع لكنتها البسيطة و ضعف لغتها الانجليزية و افتقارها إلى اللغة الفرنسية و ترفّع السيدات عن مخالطتها و دعوتها إلى حفلات الشاي أو تمارين اليوجا و الزومبا في النادي الرياضي . هل تحتفظ بهذا الجنين ورقتها الرابحة أم تكتفي بالفتات و تعود أدراجها بنت العشرين و عشرات الأختيارات لتنتقي منها وجه أكثر حيوية و أكثر خفة و ربما تكون أفضل حظًا و تتزوج بائع الحلوى.
 يدخل سليم في هذه اللحظة إلى غرفته و يعلو صوته بنغمة لاتخطئها يطلبها و يطلب الشاي بلبن!

الخميس، 31 ديسمبر 2015

ستخذله كما فعلت دائماً و سيعود إلي



حانت مني التفاتة إليه و هو في جانبه الأيسر من الفراش يحملق في هاتفه المحمول و على وجهه تلك الأبتسامة التي لم تكن أبدا من نصيبي، أدخل إلى الحمام و أرفع وجهي لأواجهني في مرآة الحوض ، أتأمل الوجه المرهق من طول اليوم و عناء الأولاد و البيت و التمارين الرياضية و الموسيقى و حصص الرسم، أسكب مزيل المكياج على قطعة القطن الدائرية المعدة مسبقاً، أمسح عيني في أتجاه واحد فقط بنعومة و رفق،، أتحول إلى زومبي مخيف بهالة سوداء واحدة، أتصور وقع فعل الأولاد عندما يشاهدوني بهذا الشكل، أفعلها في عيني الأخرى و أركض مكشرة إلى غرفة الأولاد لتتعالى صرخاتهم بعد أن كانوا آووا إلى فراشهم،، حسن يرفع وجهه لدقيقة و تعلو البسمة شفتاه الدقيقتان، يتردد نظره بين اللوح المعدني اللعين و الضحكات الصاخبة، ينحي هاتفه جانبا و يعود حاملا المقشة الخشبية و يطاردني أنا و الأولاد و نسقط كلنا مترنحين تحت وهم السعادة، نقبلهم من جديد قبلة المساء و تطفىء الأنوار ، يعود إلى موقعه الأيسر من الفراش و هاتفه و ابتسامته الغامضة، و أعود أنا لمرآتي و قطع القطن الدائرية و بقايا ابتسامتي الكاذبة،، حسنا هي لاتجعلك تضحك بالطريقة التي أفعلها أنا!
هل ممكن أن يتحول فراشي الوثير إلى أشواك، أتقلب يمينا و يسارا يجافيني النوم و تنقبض أنفاسي، أعلم تماما أني لن يعاودني النوم حتى يعود إلى الفراش،، اسمع همساته القادمة من غرفة الجلوس المجاورة،، اعرف الطريقة التي ينفث بها الهواء في غضبه،، أشم رائحة سجائره وأكاد أقسم أنه تعدى الخمسة من قوة الرائحة المنبعثة من الغرفة، لا أستطيع أن أتظاهر بالنوم أكثر، أحدث القليل من الضجة و أتعمد أن يلاحظ استيقاظي عله يرحم نفسه و يرحمني، علها ترحمنا هي و تنام،، أشرب كوب الماء المجاور بينما يدخل هو و عيناه في الأرض،، أتعمد الحدة في صوتي "ليلى ؟؟!" و مع أنه لم يجب بل كان يغمغم بشيء غير مفهوم إلا أني كنت متأكدة، أنظر إليه بإشفاق بصدره المشعر بغزارة و أنفاسه الصاعدة الهابطة و كتفه المدلى بإعياء و ألم، أنفض الغصة من قلبي و أضع زيت اللافندر في حمام ماء دافيء و أشعل الشموع في الغرفة و أدلك ظهره المتعب ،، كل هذا الوجع في قلبك بسببها،، كل هذا الأرق لأنها لاتنام،، اعرف انك لن تخونني معها لكنك أيضا لاتتركها من أجلي ،، حريص أنت ياحسن أن لاتؤذيها،، أن لاتغلق هاتفك ليلا ،،،أضغط كتفه بعنف فتخرج منه آه بحجم حزنه من أجلها،، بحجم ذهوله من غضبي الظاهر،، بحجم خجله مني،، احبه ،،تركت نفسي أحتضن ظهره العاري تغمر أنفي رائحة اللافندر المختلطه بعرقه و سجائره ،،لم أكن أعرف هل كانت دموعي أم دموعه التي كنا نكفكفها  سويا، أعتدل ليقابلني و رمى برأسه على صدري "سامحيني" خرجت ضعيفة خجلة متكسرة هو يبكي في حضني أنا و العفو من شيم الكرام. 
في الصباح حسن بوجهه البريء أمام الغلاية الكهربائية يعد لنا كوبي القهوة و أطباق الكورن فلكس للأولاد،، طريقته المعتاده في الأعتذار أو كما يقول وجبة حب صباحية أعرف أنه بعدها سيذهب ليقلها معه إلى العمل! أجل أعرف
هذا الرجل الأسمر أحبه ،أحب وجهه الطيب أبو غمازات و شعره القصير الأشيب المجعد 
حسن لم يكن فتى الجامعة الأول لكنه كان ملك الدور الثاني بلا منازع، حسن الشهم الذي تأمنه كل الأمهات على بناتهن من كل المحاضرات المتأخرة و الكورسات و الرحلات،، حسن عاشق الأكل الذي له نصيب الأسد في كل ساندويتشات البنات،، حسن الأنيق بغير تكلف بستراته البولو البيضاء فقط أو قمصانه الزرقاء الكاروهات و بنطاله الجينز الفاتح،، رائحة عطره التي لاتخطئها مزيج الليمون و خشب الصندل أيا كان اسم العطر له تلك اللذعة المميزة، بكرمه المبالغ فيه ،، حسن  هو عمرو واكد ؟؟ إنه يفوق أقرانه براعة بالتأكيد كأحمد السقا أو كريم عبدالعزيز لكن لاتسند له أدوار البطولة،هكذا حسن بقلبه الكبير و شغفه بالتفاصيل و حب الحياة، أنا اكتشفت حسن منذ اللحظة الأولى التي شاهدته فيها،،ربما لأن حسن لم يكن يحبني أنا أستطعت أن أكون قريبة جدا منه و أن يفتح لي جروحه الكامنة،، كنت اقترب من حسن بثقة حتى هو نفسه كان يعتقد أنه بمنأى عن أي امرأة فليلى وحدها من تملك مفاتيح قلبه،، حتى تزوجت ليلى البطل ،، و بقي حسن في الظل و بقيت أنا بجوار حسن و لم أفاجأ عندما طلبني للزواج و صارحني أنه كان يحب ليلى و أنها الآن في جانب مظلم في قاع قلبه المكسور،، كان اتفاق غير معلن بالوفاء و الأمان و السعادة، استعنت بصبري و صخبي لأملأ فراغات قلبه، راهنت على خذلانها له الذي لم يكن الأول و لن يكون الأخير،، تعلمت أن لاأقارن بين كتاب ينتقيه بحرص ليهديه إليها و قلادة ذهبية لايختلف عليها اثنين يهديها إلي،ليس أني لاأقرأ أو لاأتذوق الموسيقى لكني لم أرد أن أسابقها على قلبه كنت أريده أن يأتي طوعا إلي، لم يكن من السهل أن تكون صديقتي لم أستطع لكني حرصت أن ألتقيها مرتين أو ثلاث بدون محاولة اظهار أي ندية لها،، استمتعت جدا بنظرة الخجل في عينيها و الغيرة التي كانت تأكلها لأنه ببساطة أنا التي  تجلس كقطة بين ذراعي حسن،، بينما يعلم حسن في قرارته أنه حتى و إن كان مازال يحبها فهو كان و لم يزل الاختيار الثاني و لم و لن يكن الأول في حياتها. أجمل ماقاله حسن ذات يوم أني المرأة المناسبة له ليس أني جميلة جدا أو ذكية جدا أو أجيد انتقاء ثيابي أو أستطيع أن أدير حوار بمهارة بل أني أشع في وجوده و هو مايجعله يشعر برجولته إكثر من أي وقت مضى مع ليلى،  اه ياحسن هل أخطأت أني لم أخيره بيني و بينها!! كيف أفعل و عندها سأشعر أنه بقى تحت وطأة الواجب و الالتزام، ,و ماذا إن لم يبقى، 
كنت أشعر بتلك الدفعة الهائلة من الإحباط بداخلي بعد مكالمة الليل تلك !! أشعر بقدمي و هي تزل بعيدا عن ثقتي المعتاده بنفسي،، اتسأل إن كنت أنا المخطئة،،لم أكن أبدا ضعيفة بحسابات العقل و المنطق لكني لاأستطيع أن أقف في وجه هذا الرجل بل أن قوتي تنبع من وجودي بجواره،،أستمد إيماني بذاتي من ذراعه التي تحيط كتفي في حنان،
قررت أن أذهب إلى الصالة الرياضية لأنفث عن طاقة الغضب و الاحباط بداخلي،، كنت أقفز و أنثني و أتحرك صعودا و هبوطا بعنف،،أصرخ صرخات هائلة  و عندما يصبح القلب هو سيد الموقف  متحدية عنف العالم من حولي و اضطرباته،، مع ايقاع موسيقى البوب العالي و دقات القلب السريعة،، الادرينالين الذي يضخ في العروق،، قطرات العرق في كل مكان من جسدي،، كنا انتهينا من التمرين،،، امسح عرقي و أحاول قدر المستطاع أن أشرب رشفات صغيرة من زجاجة المياة ،، و قد جلست على الأرض ألهث بقوة متقطعة الأنفاس كنت أعتقد أني فقط منهكة عندما انفجرت الدموع من داخلي،،لأعلن أخيرا عن عجزي التام عن احتمال المزيد من الألم، القلب العاشق يئن و يبكي!!  صرخت صديقتي أتركيه تستحقي رجل أفضل! لكني كنت ماأزال أراهن على خذلانها له و أنه سيعود إلي،، أنه في قرارة نفسه و بفطرته الطيبة سيدرك ماأقدمه إليه الذي لم يعد فقط وفاء و امان و سعادة بل انها حياتي كلها،، قلت لصديقتي اخترت هذا الطريق و أنا مدركة تماما عواقبه قررت أن أترفع عن مسببات السعادة الزائفة من كلمات معسولة و ابيات الغزل،، أن لايكون التعبير عن الحب بأغاني نجاة و عبدالحليم،،أن أكون شديدة القناعة و الرضا بنظرة الامتنان في عينيه عندما أتنازل عن حلوى التشيز كيك التي أحبها و أختار قالب شيكولاتة الفوندو الساخنة في المقابل و أضحك و أنا امسح البقع البني التي لطخت أنفه و فوق الشفة العلوية ،، أن لاأخجل من احتضانه ليلا رغم أنه يوليني ظهره كل مساء،، لاأعلم من أين لي بكل هذه القوة يحضرني مقولة لطاغور "الأشخاص الأجمل هم أولئك الذين عرفوا الهزيمة و العذاب و الكفاح و الخسارة و وجدوا طريقتهم الخاصة للخروج من الأعماق السحيقة"  أعلم أنه  سيعود إلي ليس لأنني موجودة و كفى ربما لست  الأجمل لكني الأقوى و  الأحن و الأكثر قدرة على العطاء و قلب حسن الطيب سيرشده إلي،، ُعد إلي ياحسن


الخميس، 26 نوفمبر 2015

شعاع الشمس



تلك الصباحات الغائمة بلون مخاوفي ، صباحات نوفمبر الرمادي حيث لالون محدد للسماء،، لا حرارة ثابتة للطقس و لا رأي ثابت اتمسك به في حروبي الوهمية ضد الأخرين،،، أشكل غيوم رمادية كثيفة علها تخفي وجهه العبوس لكنها لا تفعل،، أعيد خصل شعري داخل الأيشارب مع أنها لم تبرح مكانها قط،، حركة لاإرادية أخفي بها توتري ،، انظر إلى باب الغرفة كل خمس دقائق لكن شيء لم يحدث،، انظر إلى رداء العمليات الأزرق الذي البسوني اياه،، اربت على بطني و اهمس للمحاربة الصغيرة بداخلي أن تصمد فقد حان الوقت،،أقضم أظافري عادة سيئة أخرى لا أستطيع التخلص منها و لا أعرف ابدا متى بدأتها،،، سألتني الطبيبة النفسية التي اذهب إليها خلسة متى بدأت قضم أظافري!
"معقول امرأة جميلة مثلك تقضم أظافرها" الحق أنا امرأة جميلة بيضاء لي عيون عسلية و رموش طويلة و فم ممتلىء قوامي ممشوق و ان كنت أخفيه خلف العبايات الواسعة،،لم ارتدي الأسود في حياتي بل حرصت دوما أن اكون في نقطة الحياد باللون الرمادي أتمنى أن تنساني بعد أن تراني فلا استقر في ذاكرة انسان مطولاً، حجابي متوسط يغطي كتفاي و هو دائما يمتد الى الأمام بالكاد فوق حاجبي شديد الاحكام كأن وجهي يجاهد للظهور من خلاله لكني لاأبالي! متى ارتديت الحجاب!!! اعود بالذاكرة قصرا للطفلة ذات العشر سنوات التي كنتها،، كنت العب وحدي في ذلك اليوم عندما داهمني ألم مفاجئ استدعى دخولي إلى الحمام لأصرخ و أخرج أركض لاهثة إلى أمي اقسم بأغلظ الأيمان أني كنت وحدي ألعب و لاأعرف كيف جرحت نفسي هذا الجرح،،، البقعة الحمراء تلك لاتغادر عيناي ضمن مشاهد أخرى،، أمي لم يبد عليها الإندهاش قط بل على العكس أذكر نظرة حزينة مشفقة في عيناها و هي تُحكم الأيشارب الصغير حول وجهي وتخبرني أني لن ألعب مع جيراني الصبية بعد الآن،، كيف أن البقعة الحمراء التي رأيتها ستستمر طويلا بعد ذلك و ستزورني كل شهر لتذكرني بأن لا اركض و لا أرفع صوتي و أن اختار هواية أخرى غير الرياضة التي سيكون من الصعب بل من المستحيل فيما بعد أن انتظم فيها رغم مهارتي الشديدة و أن استبدلها بالقراءة و سماع الموسيقى.  
امسح دمعة تسللت إلى خدي و أنا اذكر القرار الثاني و الذي كان بحرماني من الخروج بدون أمي كنت عائدة من المدرسة  عندما اعترض طريقي ذلك الشاب الضخم و تعريه أمامي و قد سد الطريق بجسده ،، يومها لم أصرخ و لم أبكي لأن أمي قالت أنه لا يجوز لي ابدا بعد أن خرطني خراط البنات أن يعلو صوتي،،، كتمت صرختي في جوفي و ركضت و أنا أضع يدي على عيني و قد تسللت الشعرات النافرات من مقدمة حجابي،،، ازددت صمتا و انعزالاً،
حتى كانت تلك السنة الفاصلة كنت في الثانوية العامة و حرصا من أبي و أمي على تحصيل بضع درجات اضافية انضممت لمجموعة دراسية في المدرسة، و في يوم كنت وحدي مع مدرس الرياضيات و كان يثني على ذكائي و سرعة استيعابي ثم وضع يده الخشنة على جسدي و كان يضمني إليه بشدة  و يعبث بجسدي وصلتني رائحة عرقه و دارت بي الدنيا و لولا نوبة القيء المفاجئة لكانت بكارتي خرقت،،، بقيت مريضة طريحة الفراش لأيام و تحت ضغط و إلحاح أمي اخبرتها بما حدث لكنها لم تدعني اكمل، فقط تم نقلي من المدرسة إلى مدرسة أخرى و استأنف الكل حياته كأن شيء لم يكن كان أبي يدير وجهه كلما التقت عيني بعيناه،، كم مرة تهربت أمي من دموعي و أنا أبكي من جفائها و قسوتها و أسألها أي ذنب إرتكبت، كم من ليلة افقت على كوابيس التحرش و الهروب اللانهائي من شخص له رائحة كريهة أو ذا جسد ضخم، كم من ليلة اعدت الوضوء عشرين مرة و أنا أتساءل هل أنا نجسة خاطية،،  
منذ التحاقي بالجامعة و حتى تخرجي منها كنت شبح غير مرئي صديقات لا يزدن عن اصابع اليد الواحدة، حجاب كبير يغطي الكتفين و عباءة رمادية و ألوف الكتب،، عشت بين الكتب حتى بدأت ثورة الانترنت و برامج المحادثة الإلكترونية فقبعت خلف شاشة الكمبيوتر أرقب الأيقونات المختلفة و ابتكر الاسماء المستعارة فتارة أنا زهرة الربيع و تارة الأميرة الضائعة و غيرها و غيرها،،، حتى تعرفت عليه و دوناً عن غيره نجح في اقناعي بأن نلتقي لم يسألني عن شكلي و طولي و لون عيوني و وزني،، لم يصب في أذني كلمات الأعجاب و الحب، بدا رزيناً تماما غير متعجل،، التقينا و لم يلق بالا لثيابي و لا لحجابي و لم يتلصص على شفتي أو صدري أو انحناءة العباءة على جسدي و لم يكن ينظر في عيني و هو يتحدث إلي ،، كان انيق و مهذب و قليل الكلام إلا اذا غضب،، و ما أدراني أنه دائم الغضب و الصراخ ،،، و  اقتنعت أني احبه و ارتحت أيما سعادة لطلبه مني الزواج حتى أهلي كانوا في مثل سعادتي، و تزوجنا. 
مسحت دمعة أخرى لاارادية تسللت الى خدي،، يقولون أن الجاني يعرف المرأة الضحية من بين مئة امرأة و هو قد عرفني منذ اللحظة التي قرأ فيها اسمي في برنامج المحادثة الالكترونية،، كانت حياتي معه سلسلة اخرى من الانتهاكات و الإهانة لكن هذه المرة تحت مبرر الزواج،، كان زواجنا اغتصابا كل ليلة،، و دموع اذرفها كل ليلة ،،كان يمارس ذكورته علي بأقذر الطرق و بأحط الكلمات و اللكمات،، هل كنت أستطيع أن أقول لا أنا التي لم تقل سوى نعم و حاضر و آمين ، استنزف اموالي و اموال اسرتي و عندما اخبرته أني أريد أن اعمل ثارت ثائرته و حط من شأني و أني لست سوى فاشلة لاتجيد شيء.
ربما كان هذا الوضع ليستمر سنين أنا التي لم تعرف معنى الثورة و الإعتراض قط  لكن رحمة الله و قضائه أن حملت منه،و عندما اخبرته سخر مني و قال أني لن استطيع تربية ابنه و أني سأكون ام فاشلة كما أني زوجة فاشلة،،، كم ليلة فكرت فيها أن اتخلص من هذا الحمل و كنت اتراجع في اخر وقت حتى علمت و أنا في شهري الخامس أني حامل في بنت كنت ارى شريط حياتي يمر بحياتها هي ،،، رأيت الشفقة التي في عين أمي و حزنها،، تصورت القسوة التي ستشعر بها و القهر الذي سيمارس ضدها ،، رأيت الذي سيتحرش بها و ذاك الذي سيتزوجها نكاية و مادت بي الأرض و قررت أن ألدها و أنا حرة،، قررت أن لاتكون صورة أخرى مني و طلبت الطلاق،، لم يوافق و لم استسلم و لم اعلمه أني حامل في بنت،، حاولت اغرائه بالمزيد من النقود،، نصيبي في شركة أبي،، ابرأته من كل واجباته،، لم يوافق زاد في غيه و اصراره،، أمعن في اذلالي ،، كدت أنا أن استسلم أخبرته أني أحمل في أحشائي  ابنة،، ثارت ثائرته لم يتوان عن ضربي ضربا شديدا كاد يودي بحياتي و حياتها كان الألم فظيع،، لا يحتمل و شعرت باللزوجة الدافئة بين فخذي و ايقنت أنها نهايتها و نهايتي و لأول مرة صرخت كما لم أصرخ من قبل ،،،و على أثر صراخي الهستيري و بكائي الشديد أقبل بعض الجيران و لم يتوقفوا عن الطرق و لم أتوقف عن الصراخ و رأيت جبنه و خسته في تلك اللحظة و هو يهرع نحو الباب ليفتحه و يفر هارباً، كان بين الجيران امرأة أربعينية تبدو قوية أو هكذا توسمت فيها،، أمسكت بطني و أنا قول لها "ساعديني" ركضت نحوي،، ذعرت من الدماء في ثوبي صرخت في فتاة اخرى أن تنادي أبيها و أخذوني إلى المستشفى،،، كنت احاول قدر المستطاع أن احدثها -صغيرتي-عن شهر يناير الذي كنت أتمنى أن ألدها فيه لتكون قوية باردة مثل شتائه لكنها أبت إلا أن تحاول الخروج للدنيا في نوفمبر هذا الشهر الرمادي مثلي ليس على حام و لا بارد! كنت أقول اصمدي و البثي بداخلي شهران اخران علكي تخرجي عفية ابنة تسعة أشهر لكن مع ازدياد التقلصات في بطني و تقاربها خفت أن افقدها ،،دعوت الله تضرعا و خفية أن تخرج للنور حية ترزق أيا كانت ابنة تسعة او سبعة،، اغمضت عيني أريد أن افيق من هذه الذاكرة،، أكدت جارتي أن زوجها المحامي سيحصل لي على الطلاق من أول جلسة بعد اثبات اعتداء زوجي علي و محاولة قتلي و اجهاض جنيني..
مازلت ارتدي اللون الرمادي و أخفي وجهي قدر المستطاع ،،مازلت اقضم اظافري و بالكاد استطيع ادارة حديث مع اشخاص اخرون لكني اريد أن أتغير،،
"سيدتي ،، حان الوقت،، اخترتِ لها اسماً؟؟ "
كانت الشمس تسللت إلى الغرفة و اضاءتها بشدة و شمس نوفمبر لو تعلمون عزيزة،، ضحكت للدفء الذي ملأ قلبي و اجبته "إلينا،، شعاع الشمس"

الاثنين، 2 نوفمبر 2015

الخيانة ليست عسلا خالصا



يمر علي حسن بسيارته،، نبتاع قهوة كوستا "كابتشينو بالكراميل تو جو" نسمع اذاعة الشرق الأوسط،، صوت نجاة الذي يقطر إثما "لا تخجلي،، لا تفزعي مني فلست بثائر، انقذتني من زيف أحلامي و غدر مشاعري" 
اتشبث بالكوب الورقي الأحمر، أحتضنه بكفي، احاول أن أتلمس لقلبي الدفء من سخونته الشديدة لكن الورق الفيبر لا يمرر أيا من حرارته،،أرنو إلى الجالس بجواري يقود السيارة في صمت،، حسن كتفي الصباحي ،،يعرف أي نوع قهوة أحب، يعرف أني أشربها بلا سكر و أني أحب الشيكولاتة الداكنة، حسن يعرف من نظرة عين أني محبطة و حزينة يرمم جراح قلبي و يستمع لغضبي المبرر و الغير مبرر أيضًا،، حسن لا يطلق علي أحكام جزافية،، حسن يعرف حالتي المزاجية من ثيابي، يعرف أني أرتدي الأحمر و أنا في قمة حزني و أضع الكثير من مساحيق التجميل كي لا يشاهدوا الحزن في وجهي ، و أني في قمة سعادتي ارتدي الأسود و اترك شعري منطلقا بغير نظام و أكتفي بأحمر الشفاه الوردي، يعرف أني لا أرتدي الحلى الذهبية و أي جمال للمرأة في احتلال اللون الأصفر لرقبتها و يديها.. تكاد تبكي نجاة و هي تقول "ماذا أقول لأدمع سفحتها أشواقي إليك ، ماذا أقول لأضلع مزقتها خوفا عليك".. نعم أنا زوجة و  حسن هو صديقي ، حسن هو من أهداني كتاب في عيد ميلادي المنسي في زحمة الأطفال و مشاغل عمر، حسن ابتاع لي قهوة مثلجة تعلوها تلال ثلجية من الكريمة المخفوقة و معها في غلاف رقيق كتاب الأسود يليق بك لأحلام مستغانمي،،، حسن يعرف أن ما يسعدني ليس قطعة مجوهرات اختارتها السكرتيرة أحدى خليلات عمر في الخفاء و ليس عطر اختارته امرأة أخرى، آه يا حسن أنا أحبك و لا يجوز أن نكون أصدقاء،،، اتذكر ماجدة الرومي و هي تصرخ بعدائية، صوتها يتوسل و هي تطلب حق من حقوقها كن صديقي كن صديقي كن صديقي محتاجة أنا جدا إلى كف صديق،،، ربما ياحسن كان من الأفضل أن نكون عشيقين في الظلام!!
حسن هو وسادتي و ظهري الذي يريدون كسره لترويضي،، حسن وحده يقرأ لي أشعار نزار قباني يبدأها بحبيبتي ..كنت أتمنى أن أحبك في عصر أخر أكثر احساسا برائحة الكتب و رائحة الياسمين و رائحة الحرية،،
آه ياحسن عندما تعرضت لمحنة الاكتئاب اللعينة أنت من مد يده و انقذني من قاع مأساتي بدون أن نسقط أنا و هو في الخطيئة ،، يا ملاكي الطاهر سيقتلوننا لأن شرقيتهم العنيدة ترفض صداقاتنا في العلن و تبارك قذارات عمر في الخفاء، أنا لا أريد الانفصال عن زوجي،، أنا أم لابنتين لا أستطيع أن أفرق بينهم و بين والدهم،، أنا اخترت أنا أحيا معه تحت سقف واحد نتشارك مائدة الطعام في الافطار و الغداء، نتشارك أعياد الميلاد و مباركة الزيجات و سرادقات العزاء ثم أدير له ظهري لينعم بخيانته في الظلام، فلماذا لا يدير لي ظهره لأنعم بصداقتي في العلن! 
ماذا بعد ! والدة عمر هي من شنت الحرب علينا،، لا يعجبها أني لا ألتوي على الحقائق كما تفعل هي ،، والدة عمر تحيا بين الفأرة و مفاتيح لوحة التحكم و غرف الشات الليلية، تدخن كالسارقة و تشعل عشرات الشموع لتقضي على رائحة التبغ المميزة لسجائر الدافيدوف، تتخلص من نفاياتها بنفسها كي لا نلمح الفلتر الأبيض الرفيع الموصوم بأحمر الشفاه القاني.
أنا لا أعجب أمي أيضا تصحو قبل آذان الفجر تصلي و تبارك البيت بالبخور العماني العتيق برائحة الصندل و هي تقرأ آية الكرسي و خواتيم سورة البقرة و تأمر الخدم أن يكنسوا البيت بالملح الخشن من أعلاه لأسفله لعل الأرواح الخبيثة بداخلي ترحل هي الأخرى،، أمي التي لاتفارق سجادة الصلاة إلا لتطبخ أو تحيك الثياب،، أنا أصلي يا أمي و أطيل السجود  ،، أنا اكره الطبخ و الحياكة يا أمي كما أكره السجائر و الوحدة و غرف الشات الليلية،،، أنا فقط أحب حسن و أدعو الله كثيرا أن نبقى أصدقاء،، حسن مش بوي فريند،، حسن كان يضحك كلما قلت له كلمات نزار عن ثورتي "ثوري ! أحبك أن تثوري ..ثوري على شرق السبايا و التكايا و البخور، ثوري على التاريخ و انتصري على الوهم الكبير، لا ترهبي أحدا فإن الشمس مقبرة النسور ، ثوري على شرق يراك وليمة فوق السرير" أرفع ناظري إلى حسن أقول له "لسنا بخطيئة ياحسن،،، أنا لست بصدر و مؤخرة،، أنا روح ياحسن و أنت اكتمال روحي" أطفأ حسن المذياع ليقطع وصلة نجاة و هي تقول "و رأيت أنك كنت لي ذنبا سألت الله ألا يغفره فغفرته"... 
كن بخير ياحسن.