يمر
علي حسن بسيارته،، نبتاع قهوة كوستا "كابتشينو بالكراميل تو جو" نسمع
اذاعة الشرق الأوسط،، صوت نجاة الذي يقطر إثما "لا تخجلي،، لا تفزعي مني
فلست بثائر، انقذتني من زيف أحلامي و غدر مشاعري"
اتشبث
بالكوب الورقي الأحمر، أحتضنه بكفي، احاول أن أتلمس لقلبي الدفء من سخونته
الشديدة لكن الورق الفيبر لا يمرر أيا من حرارته،،أرنو إلى الجالس بجواري يقود
السيارة في صمت،، حسن كتفي الصباحي ،،يعرف أي نوع قهوة أحب، يعرف أني أشربها بلا
سكر و أني أحب الشيكولاتة الداكنة، حسن يعرف من نظرة عين أني محبطة و حزينة يرمم
جراح قلبي و يستمع لغضبي المبرر و الغير مبرر أيضًا،، حسن لا يطلق علي أحكام
جزافية،، حسن يعرف حالتي المزاجية من ثيابي، يعرف أني أرتدي الأحمر و أنا في قمة
حزني و أضع الكثير من مساحيق التجميل كي لا يشاهدوا الحزن في وجهي ، و أني في قمة
سعادتي ارتدي الأسود و اترك شعري منطلقا بغير نظام و أكتفي بأحمر الشفاه الوردي،
يعرف أني لا أرتدي الحلى الذهبية و أي جمال للمرأة في احتلال اللون الأصفر لرقبتها
و يديها.. تكاد تبكي نجاة و هي تقول "ماذا أقول لأدمع سفحتها أشواقي إليك ،
ماذا أقول لأضلع مزقتها خوفا عليك".. نعم أنا زوجة و حسن هو صديقي ،
حسن هو من أهداني كتاب في عيد ميلادي المنسي في زحمة الأطفال و مشاغل عمر، حسن ابتاع
لي قهوة مثلجة تعلوها تلال ثلجية من الكريمة المخفوقة و معها في غلاف رقيق كتاب
الأسود يليق بك لأحلام مستغانمي،،، حسن يعرف أن ما يسعدني ليس قطعة مجوهرات
اختارتها السكرتيرة أحدى خليلات عمر في الخفاء و ليس عطر اختارته امرأة أخرى، آه
يا حسن أنا أحبك و لا يجوز أن نكون أصدقاء،،، اتذكر ماجدة الرومي و هي تصرخ بعدائية،
صوتها يتوسل و هي تطلب حق من حقوقها كن صديقي كن صديقي كن صديقي محتاجة أنا جدا
إلى كف صديق،،، ربما ياحسن كان من الأفضل أن نكون عشيقين في الظلام!!
حسن
هو وسادتي و ظهري الذي يريدون كسره لترويضي،، حسن وحده يقرأ لي أشعار نزار قباني
يبدأها بحبيبتي ..كنت أتمنى أن أحبك في عصر أخر أكثر احساسا برائحة الكتب و رائحة
الياسمين و رائحة الحرية،،
آه
ياحسن عندما تعرضت لمحنة الاكتئاب اللعينة أنت من مد يده و انقذني من قاع مأساتي
بدون أن نسقط أنا و هو في الخطيئة ،، يا ملاكي الطاهر سيقتلوننا لأن شرقيتهم
العنيدة ترفض صداقاتنا في العلن و تبارك قذارات عمر في الخفاء، أنا لا أريد
الانفصال عن زوجي،، أنا أم لابنتين لا أستطيع أن أفرق بينهم و بين والدهم،، أنا
اخترت أنا أحيا معه تحت سقف واحد نتشارك مائدة الطعام في الافطار و الغداء، نتشارك
أعياد الميلاد و مباركة الزيجات و سرادقات العزاء ثم أدير له ظهري لينعم بخيانته
في الظلام، فلماذا لا يدير لي ظهره لأنعم بصداقتي في العلن!
ماذا
بعد ! والدة عمر هي من شنت الحرب علينا،، لا يعجبها أني لا ألتوي على الحقائق كما
تفعل هي ،، والدة عمر تحيا بين الفأرة و مفاتيح لوحة التحكم و غرف الشات الليلية،
تدخن كالسارقة و تشعل عشرات الشموع لتقضي على رائحة التبغ المميزة لسجائر
الدافيدوف، تتخلص من نفاياتها بنفسها كي لا نلمح الفلتر الأبيض الرفيع الموصوم
بأحمر الشفاه القاني.
أنا
لا أعجب أمي أيضا تصحو قبل آذان الفجر تصلي و تبارك البيت بالبخور العماني العتيق
برائحة الصندل و هي تقرأ آية الكرسي و خواتيم سورة البقرة و تأمر الخدم أن يكنسوا
البيت بالملح الخشن من أعلاه لأسفله لعل الأرواح الخبيثة بداخلي ترحل هي الأخرى،،
أمي التي لاتفارق سجادة الصلاة إلا لتطبخ أو تحيك الثياب،، أنا أصلي يا أمي و أطيل
السجود ،، أنا اكره الطبخ و الحياكة يا أمي كما أكره السجائر و الوحدة و غرف
الشات الليلية،،، أنا فقط أحب حسن و أدعو الله كثيرا أن نبقى أصدقاء،، حسن مش بوي
فريند،، حسن كان يضحك كلما قلت له كلمات نزار عن ثورتي "ثوري ! أحبك أن
تثوري ..ثوري على شرق السبايا و التكايا و البخور، ثوري على التاريخ و انتصري
على الوهم الكبير، لا ترهبي أحدا فإن الشمس مقبرة النسور ، ثوري على شرق يراك
وليمة فوق السرير" أرفع ناظري إلى حسن أقول له "لسنا بخطيئة ياحسن،،،
أنا لست بصدر و مؤخرة،، أنا روح ياحسن و أنت اكتمال روحي" أطفأ حسن المذياع
ليقطع وصلة نجاة و هي تقول "و رأيت أنك كنت لي ذنبا سألت الله ألا يغفره
فغفرته"...
كن
بخير ياحسن.
نادرا ما تجدى الصديق الوفى .. فالحب لا يتحول الى صداقه .. بل بامكان الصداقه ان تتحول الى حب . تحياتى
ردحذفلم يكن يوما حبيبها و كانت حبيبته منذ البداية.. شكرا لمرورك الراقي :)
حذف