إهداء:
إلى هؤلاء الذين لا يدركون قيمة الوقت
الذين لم ينتبهوا إلى مرارة
الفقد
إلى هؤلاء الذين استسلموا لرتابة الأيام و عجز الكلمات و جمود
المشاعر...
افيقوا يرحمكم الله.
*****
المشهد الأول:
(عنف البدايات)
في القاعة الصغيرة و وسط ضجيج و صخب سعيد غير عادي تحرك رجل يرتدي
بذلة سوداء رسمية و رباط عنق أحمر من النوع التقليدي طالبا من الناس الجلوس في
أماكنهم و الهدوء قليلا و سرعان ما سرت العدوى و علت همهمات تطالب اخرين بالصمت و
الجلوس، انخفضت الإضاءة حتى اصبحت قاصرة على طابور من الرجال في زي احمر تقليدي
يعود للعصور الملكية و يرتدون طرابيش حمراء زاهية يحملون مشاعلهم المضيئة.
وقف الرجل ذو البدلة الرسمية بجوار باب القاعة الخشبي العتيق و
بإشارة يبدو انه متفق عليها بدأت الفرقة الموسيقية حاملة الكمان و التشيلو
في عزف رائعة اسمهان "ليالي الأنس في فيينا" ، ليفتح الباب و تدخل
متهادية العروس الجميلة في ثوب ابيض من الجبير المطرز بخيوط السيرما الذهبية و
يمتد ذيله خلفها لعدة امتار و يغطي وجهها غلالة من جبير اخر اكثر رقة فستوناته
كبيرة تشي من خلفها بظل ابتسامة خجلة و عينان مضيئتان تحلقان من السعادة،
تحمل في يد باقة من الورود البيضاء البرعمية بينما تتأبط يدها الأخرى ذراع والدها
ذلك الرجل الوسيم ذو الشعر الأبيض الذي صبغ مقدمة رأسه و فوديه و زاده جاذبية.
كانت تسير في تأني المتعجل لا يوجد وصف اكثر دقة مابين رهبة القادم و
تمنيه كانت تركض ركضا و ان لم يسمح خجلها او جلال الموقف بأكثر من خطوات متأنية
بطيئة.
و على الجانب الأخر كان ينتظرها ببذلته السموكنج السوداء و قميصه
المنشى الأبيض و ربطة العنق البابيون المائلة قليلا و عيناه تشي بأنه قد فتن بضم
الفاء وقف يحي والدها الذي اطبق بكفه على كف الشاب المتعجل يلقنه وصايا العمر و
لسان حال الفتى يقول لن أخذلك.
يرفع طبقات الجبير لتغمره هالة النور.. ترفع عيناها إليه في خجل لسان
حالها يقول اخيرا صرت لك، يطبع قبلة على جبينها ليبدأ الحفل.
*****
المشهد الأخير:
(هل يمكن أن يقال عن النهاية رائعة؟ )
صوت عبد الباسط عبد الصمد في جلال و انكسار "يأ يها الناس اتقوا
ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بث منهما رجالا كثيرا و نساء و
اتقوا الله الذي تسآلون به و الأرحام إن الله كان عليكم رقيبا"
وقف بجوار الأخرين يتلقى واجب العزاء بالكاد يستطيع الوقوف يخلع
نظارته بين لحظة و اخرى ليجفف دموع لا تتوقف عن الانغمار و قد ملأ الشيب رأسه و
تهدل كتفيه حزنا، يتجمهر حوله الناس يتمتمون بجمل عن الصبر، حتمية الموت، عن
التسليم بقضاء الله، عنها!!!!
لكن اكثر ما يخيفهم تلك النظرة الفارغة في عيناه و هو يتمتم أن الفراق
صعب.
*****
مابين المشهد الأول و الأخير هو الأصعب،، أحبوهم كما قال الرومي
" أختر الحب فمن دون حياة الحب العذبة، تمسي الحياة عبأ ثقيلا"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق