الاثنين، 31 أغسطس 2015

أحبوهم


لوحة للفنانة رباب نمر


إهداء:
إلى هؤلاء الذين لا يدركون قيمة الوقت
            الذين لم ينتبهوا إلى مرارة الفقد
إلى هؤلاء الذين استسلموا لرتابة الأيام و عجز الكلمات و جمود المشاعر...

افيقوا يرحمكم الله.
                                            *****
المشهد الأول:
(عنف البدايات)
في القاعة الصغيرة و وسط ضجيج و صخب سعيد غير عادي تحرك رجل يرتدي بذلة سوداء رسمية و رباط عنق أحمر من النوع التقليدي طالبا من الناس الجلوس في أماكنهم و الهدوء قليلا و سرعان ما سرت العدوى و علت همهمات تطالب اخرين بالصمت و الجلوس، انخفضت الإضاءة حتى اصبحت قاصرة على طابور من الرجال في زي احمر تقليدي يعود للعصور الملكية و يرتدون طرابيش حمراء زاهية يحملون مشاعلهم المضيئة.
وقف الرجل ذو البدلة الرسمية بجوار باب القاعة الخشبي العتيق و بإشارة  يبدو انه متفق عليها بدأت الفرقة الموسيقية حاملة الكمان و التشيلو في عزف رائعة اسمهان "ليالي الأنس في فيينا" ، ليفتح الباب و تدخل متهادية العروس الجميلة في ثوب ابيض من الجبير المطرز بخيوط السيرما الذهبية و يمتد ذيله خلفها لعدة امتار و يغطي وجهها غلالة من جبير اخر اكثر رقة فستوناته كبيرة تشي من خلفها بظل ابتسامة خجلة و عينان مضيئتان  تحلقان من السعادة، تحمل في يد باقة من الورود البيضاء البرعمية بينما تتأبط يدها الأخرى ذراع والدها ذلك الرجل الوسيم ذو الشعر الأبيض الذي صبغ مقدمة رأسه و فوديه و زاده جاذبية.
كانت تسير في تأني المتعجل لا يوجد وصف اكثر دقة مابين رهبة القادم و تمنيه كانت تركض ركضا و ان لم يسمح خجلها او جلال الموقف بأكثر من خطوات متأنية بطيئة.
و على الجانب الأخر كان ينتظرها ببذلته السموكنج السوداء و قميصه المنشى الأبيض و ربطة العنق البابيون المائلة قليلا و عيناه تشي بأنه قد فتن بضم الفاء وقف يحي والدها الذي اطبق بكفه على كف الشاب المتعجل يلقنه وصايا العمر و لسان حال الفتى يقول لن أخذلك.
يرفع طبقات الجبير لتغمره هالة النور.. ترفع عيناها إليه في خجل لسان حالها يقول اخيرا صرت لك، يطبع قبلة على جبينها ليبدأ الحفل.
                                          *****

المشهد الأخير:
(هل يمكن أن يقال عن النهاية رائعة؟ )
صوت عبد الباسط عبد الصمد في جلال و انكسار "يأ يها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بث منهما رجالا كثيرا و نساء و اتقوا الله الذي تسآلون به و الأرحام إن الله كان عليكم رقيبا
وقف بجوار الأخرين يتلقى واجب العزاء بالكاد يستطيع الوقوف يخلع نظارته بين لحظة و اخرى ليجفف دموع لا تتوقف عن الانغمار و قد ملأ الشيب رأسه و تهدل كتفيه حزنا، يتجمهر حوله الناس يتمتمون بجمل عن الصبر، حتمية الموت، عن التسليم بقضاء الله، عنها!!!! 
لكن اكثر ما يخيفهم تلك النظرة الفارغة في عيناه و هو يتمتم أن الفراق صعب.
                                           *****
مابين المشهد الأول و الأخير هو الأصعب،، أحبوهم كما قال الرومي " أختر الحب فمن دون حياة الحب العذبة، تمسي الحياة عبأ ثقيلا




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق