الاثنين، 31 أغسطس 2015

رسالة إلى السيدة ميم (الرسالة الثانية)

فاتن حمامة و صالح سليم في الباب المفتوح



عزيزتي ميم
أنا سعيدة،، هذا صباح غير كل الصباحات للهواء رائحة مختلفة هل هو الأمل و إقبال شهر السلام ؟؟ أريد أن أسلم نفسي كاملة متكاملة في هذا الشهر فقط لأكون لله وحده فلا يريني إلا جنته و لا أسمع إلا قرآنه و لا أبغي إلا رضاه. 
يرن في أذني صوت لاما رفعت و هي تشدو بكلمات ياسر الأطرش "سنحب مادمنا نعيش و نعيش مادمنا نحب،مادام صدرك نابضا بالدفء وجهي لن يموت" و فنجان القهوة الأخير قبل الصيام للقهوة رائحة نفاذة يا عزيزتي لكن اليوم رائحتها صامدة متلكئة لا ترغب في الرحيل مبكرا!!
أنا سعيدة،،هل هي ضحكات الصغار في الصباح بجلابيبهم البيضاء و فوانيسهم الملونة!! للألوان بهجة يا عزيزتي و للأبيض بهجة و لضحكات الأطفال جلال لا تخطئه أذن!
ربما هي قطعة الشيكولاتة الداكنة و حبة البندق الوحيدة بداخلها تتسلل حلاوتها القليلة على استحياء بين مرارة القهوة!!
انها يوفوريا يا عزيزتي من ذلك النوع الذي يداهمني و أنا أسمع صالح سليم و هو يقول "أنا احبك و أريد منك أن تحبيني و لكن لا أريد منك أن تفني كيانك في كياني و لا في كيان أي شخص أخر ... أنتي تعيسة يا حبيبتي لأن تيار الحياة فيكي لا يموت!!!"
ربما سعادتي من تلك النفحات الإلهية الصباحية أنه سبحانه و تعالى لا ينسانا و ما أجمل اللحظة التي تربت فيها يد الله على قلوبنا المنكسرة لترممها و تفتح لنا بابا كنا نحسبه لم يخلق بمفتاح.
يا ميم أنا ايضا سعيدة و تعيسة و هذا سري الصغير الذي لا يعلمه سواكي فكوني بسري رحيمة و أفرح معي هذا الصباح فللهواء رائحة لا يخطئها قلب عاشق و دمت.




حارس حديقة المحبين و طائر البومة خاصتي!







الرواية طاغية! حقا هي كذلك استولى علي شعور غريب مزيج من الغضب و الاشمئزاز و أنا ألهث بين صفحاتها لهثا و لا أقوى على تركها، انهيتها في يوم واحد و اعطيتها نجمتين و ظللت أفكر في بطلها حارس الحديقة و حكاياته
لرواية طاغية! حقا هي كذلك استولى علي شعور غريب مزيج من الغضب و الاشمئزاز و أنا ألهث بين صفحاتها لهثا و لا أقوى على تركها، انهيتها في يوم واحد و اعطيتها نجمتين و ظللت أفكر في بطلها حارس الحديقة و حكاياته الممزوجة بفنتازيا مرعبة و خيال مريض في بعض الأحيان على غرار القاتل المتسلسل يترصد زوار الحديقة و يجمع بقاياهم أيا كانت خطابات ممزقة أو مناديلهم الممزوجة بالمني و لاحقا كاميرا مدسوسة بحرفية في حمام الرجال و حكايات أخرى يرق لها قلبي و توجعه عن الأب المريض الممنوع من الضحك و انتحار الكلب رعد و ربة المنزل المهذبة مرورا بعوالم حقيقية من الصالات الرياضية و استهلاك أمبولات الهرمون النافخ للعضلات و المانح للأمراض أيضا و إزالة شعر الجسد أو الهروب إلى دين واه في لحى مطلقة و خطابات واهية، و عن نساء استسلمن بدافع الحب كصاحبة الولد النزق او بحثًا عن الشهرة كزيتونة ممثلة البورنو المغربية او بإسم الحرية كالفرنسية الشقراء.
ربما لاتكون هذه الرواية عن العشاق بالدرجة الأولى و لا عن الجنس أيضا لكنها تعري الكثير من الحقائق.

تزامنت قراءتي لحارس حديقة المحبين مع هواية جديدة لدفع الملل و الاكتئاب و هي هواية التلوين و كان قد وقع اختياري على لوحة غريبة لطائر يسكن الخراب و يظهر بالليل يتسم بالحكمة و بالذكاء الشديد و ظهوره يدعو للشؤم البوم! لا أدري لماذا بدأت لوحتي بطائر أسود ما لبثت أن جعلت ريشه مشتعل الألوان و عيناه ذهبيتان متقدتان.

تنتهي الرواية بالشقراء تقول "عشت حياة عابثة و الآن أريد أن أصبح امرأة تعيش حياة مليئة بالحب" و يقول حارس الحديقة "و أنا قبلك كنت أعيش حياة فارغة، أشعر بالسعادة الآن" 

أحبوهم


لوحة للفنانة رباب نمر


إهداء:
إلى هؤلاء الذين لا يدركون قيمة الوقت
            الذين لم ينتبهوا إلى مرارة الفقد
إلى هؤلاء الذين استسلموا لرتابة الأيام و عجز الكلمات و جمود المشاعر...

افيقوا يرحمكم الله.
                                            *****
المشهد الأول:
(عنف البدايات)
في القاعة الصغيرة و وسط ضجيج و صخب سعيد غير عادي تحرك رجل يرتدي بذلة سوداء رسمية و رباط عنق أحمر من النوع التقليدي طالبا من الناس الجلوس في أماكنهم و الهدوء قليلا و سرعان ما سرت العدوى و علت همهمات تطالب اخرين بالصمت و الجلوس، انخفضت الإضاءة حتى اصبحت قاصرة على طابور من الرجال في زي احمر تقليدي يعود للعصور الملكية و يرتدون طرابيش حمراء زاهية يحملون مشاعلهم المضيئة.
وقف الرجل ذو البدلة الرسمية بجوار باب القاعة الخشبي العتيق و بإشارة  يبدو انه متفق عليها بدأت الفرقة الموسيقية حاملة الكمان و التشيلو في عزف رائعة اسمهان "ليالي الأنس في فيينا" ، ليفتح الباب و تدخل متهادية العروس الجميلة في ثوب ابيض من الجبير المطرز بخيوط السيرما الذهبية و يمتد ذيله خلفها لعدة امتار و يغطي وجهها غلالة من جبير اخر اكثر رقة فستوناته كبيرة تشي من خلفها بظل ابتسامة خجلة و عينان مضيئتان  تحلقان من السعادة، تحمل في يد باقة من الورود البيضاء البرعمية بينما تتأبط يدها الأخرى ذراع والدها ذلك الرجل الوسيم ذو الشعر الأبيض الذي صبغ مقدمة رأسه و فوديه و زاده جاذبية.
كانت تسير في تأني المتعجل لا يوجد وصف اكثر دقة مابين رهبة القادم و تمنيه كانت تركض ركضا و ان لم يسمح خجلها او جلال الموقف بأكثر من خطوات متأنية بطيئة.
و على الجانب الأخر كان ينتظرها ببذلته السموكنج السوداء و قميصه المنشى الأبيض و ربطة العنق البابيون المائلة قليلا و عيناه تشي بأنه قد فتن بضم الفاء وقف يحي والدها الذي اطبق بكفه على كف الشاب المتعجل يلقنه وصايا العمر و لسان حال الفتى يقول لن أخذلك.
يرفع طبقات الجبير لتغمره هالة النور.. ترفع عيناها إليه في خجل لسان حالها يقول اخيرا صرت لك، يطبع قبلة على جبينها ليبدأ الحفل.
                                          *****

المشهد الأخير:
(هل يمكن أن يقال عن النهاية رائعة؟ )
صوت عبد الباسط عبد الصمد في جلال و انكسار "يأ يها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بث منهما رجالا كثيرا و نساء و اتقوا الله الذي تسآلون به و الأرحام إن الله كان عليكم رقيبا
وقف بجوار الأخرين يتلقى واجب العزاء بالكاد يستطيع الوقوف يخلع نظارته بين لحظة و اخرى ليجفف دموع لا تتوقف عن الانغمار و قد ملأ الشيب رأسه و تهدل كتفيه حزنا، يتجمهر حوله الناس يتمتمون بجمل عن الصبر، حتمية الموت، عن التسليم بقضاء الله، عنها!!!! 
لكن اكثر ما يخيفهم تلك النظرة الفارغة في عيناه و هو يتمتم أن الفراق صعب.
                                           *****
مابين المشهد الأول و الأخير هو الأصعب،، أحبوهم كما قال الرومي " أختر الحب فمن دون حياة الحب العذبة، تمسي الحياة عبأ ثقيلا




رسالة إلى السيدة ميم (الرسالة الأولى)








عزيزتي ميم
لاجئة أنا و أي لجوء في ظل لحظاتٍ كالتي نحياها هو الأمل فأغيثيني!!!
أتأرجح أنا على حافة الحزن كموج البحر لا يلبث أن تلثم شفاهه رمال الشاطئ الدافئة يتلقى دعوى السعادة فيلفظها و يعود طوعا لوحدته الأبدية يأبى أبداً إلا أن يظل موجا فوق موج يلجأ إليه الآخرون ليطفؤوا نيرانهم،، يجلسون قبالته يبكون أحلامهم لكن أبدا لم تنحني يدا لتربت على هذه الموجة أو تلك،،، 
هل تصدقين يا عزيزتي أن البحر عطش دوما و أن مياهه العميقة لم ترويه يوما ،،، أنا لا أحب البحر يا عزيزتي ميم أخشى طغيانه و لا أريد أن أفقد في حضوره تمردي و أعوض جلوسي على شاطئه باللجوء الى السماء
هل تأملت السماء في حضرة البحر ياعزيزتي؟؟  لا أظنك فعلتي،، فمثلك مثل أخرين تسرقهم أمواج البحر الشقية فلا يرفعون رؤوسهم إلى المساحات اللامتناهية من الدهشة الزرقاء و سحب بيضاء تتخللها أشعة الدفء ،، هل تعلمين عزيزتي ميم أنك كالأخرين تنخدعين بالدفء في السماوات لكنك تلقين بنفسك إلى الأمواج المتلونة،، فيروزيةٌ ألوان الموج لكنها باردة تماما كما ستفاجئين و أنتي في منتصف المسافة بين الشاطئ و الغرق،،،

و ها أنا ذا أخبرك بها صراحة عزيزتي ميم أغيثيني  و تطلعي إلى الأعلى قبل أن يمر الوقت و يغدوا تطلعك إلى الأعلى ضربا من الجنون الذي لا يولى عليه و يكون حتما و لابد الغرق.