المشهد الأول:
أطرق و هي تفتح له الباب بنصف جسد و رأس،، تذكر "الصمت في حرم الجمال جمال" هذا هو الجمال اذا
أطرق و هي تفتح له الباب بنصف جسد و رأس،، تذكر "الصمت في حرم الجمال جمال" هذا هو الجمال اذا
ابتسامتها العذبة و
شفتها السفلى المحنية في عبث ، قطرات الماء التي تتساقط من حلمة أذنها الصغيرة
جدا و خصلات شعرها المبتل الملتصقة بعنقها الطويل المرمري!! تلعثم يالله يا خالد ماهذا
الذي يحدث لك،، القلب ليس في مكانه هوى حتى القاع و على وشك أن ينسحق،، يبحث عن
مخارج الحروف لايجدها،، مد يده كطفل صغير بحقيبة السفر تذكر أخيرا لماذا هو
هنا،، خرج صوته مضطربا انا خالد كنت قابلت أحمد و.... ضحكت جذلة و هي تفتح الباب على
مصراعيه تدعوه للدخول مرحبة، جذبته من يده و هي تقول طبعا انت خالد ،، لا يعرف أصلا لسعادته ،هل كل هذا لأنها تعرفه!! نادت على والدتها بمرح و انطلاق،، ماما
ياماما خالد صاحب أحمد وصل،، كنت أتأمل قوامها الصغير في البنطال الرياضي و التي
شيرت البولو الأبيض ،قدماها الصغيرتان الحافيتان تمشي كأنها ترقص خطواتها واسعة و
خفيفة كأنها تحلق، ارتبكت أنا عندما التفت إلي متسائلة عن أحمد ، اتسعت ضحكتها و هي تشاهد
ارتباكي, جاءت تجلس بجواري اقتربت جدا حتى أني كنت أشم رائحة جلدها ممزوجة بشيء
يشبه الفاكهة وقت الحصاد، دخلت والدتها و حيتني بحرارة هي الأخرى ، لا أعلم كم مر
من الوقت و أنا غارق في عيني لينا الذهبيتين الغاويتين أحكي عن أحمد و مشاق
السفر و متاعب الغربة،،غارق في شفتاها المكتنزتان و أحمر الشفاه الوردي و مع كل
كلمة تنطقها أكاد أموت شوقا لألتهم الشفتين, شربت العصير و اتغدينا و حان وقت
الاستئذان ودعتهما على وعد بأن أحضر مرات أخرى ، خرجت لا أقوى على
التنفس،، و كأنها المرة الأولى ، المجد للشيطان هكذا الغواية اذا.
كنت قد رحلت من عشر دقائق
لأجدها تحادثني على الهاتف النقال يالله ماهذا الصوت،، هل هو سحر الكلمات أم أنها
هي الساحرة،،، قالت بتلقائيتها المعهودة "حاسة إني أعرفك من زمان،، و بعدين
شكلك حنين اوي،، حتى ماما قالت كده مين بيشيل شنطة قد الداهية مش بتاعته سكة سفر
زي دي و كمان توصلها تاني يوم على طول كده،، سكتت و أنا قلبي سيخرج من بين ضلوعي،،
رفقا يا لينا بهذا القلب قالت أنت ساكت ليه أوعى أكون ضايقتك بتليفوني،، أنا حسيت إن احنا لازم نشكرك أكتر من كده ،،، أسرعت ألملم شتات نفسي المبعثرة و أنا أقسم لها أني في
منتهى السعادة من هاتفها أعلن نفسي السيد المصون المسئول عنها و عن الست والدتها،،
من أين جاءتني هذه القوة خصوصا الموضوع بقى فيه الست والدتها!! و مع ضحكتها
الرقيقة و اعلانها الموافقة المبدئية أن تكون تحت وصايتي رفع قلبي رايته البيضاء
مسلما.
ركبت سيارتي في ذلك
الصباح ,, صدحت أم كلثوم منتشية "مقدرش على بعد حبيبي أنا لي مين إلا
حبيبي" و أنا من لي سواك يالينا ،،، ملئت على حياتي ليالي طويلة قضيتها أسمع أم كلثوم و انتشي بشراب الحب،، ماعدت افعل شيء لاتشاركني فيه و هي الصغيرة المدللة
الآمرة الناهية فالجمال ما تراه جميل و القبح ما تنفر منه و الواجب ما تطلبه و لا أملك
من أمر نفسي شيئا.
أتمناها أجل لكن الامر لم يكن شهوة رجل و امرأة أو هكذا شرعت لي نفسي ، هو كما قال شمس التبريزي احذر الكثير من النشوة بينما في الحب لا تكترث أقدم
عليه،،، و أنا أحبها و لا استطيع فراقها،،الامر لم يعد قبلة أو حضن،، لقائتنا صارت أكثر حميمية , لينا تفعل كل شيء ,,لينا لا تقول لا أبدا,, لينا تأكلني حيا,, سقطت في
براثنها و ماعدت أقوى أن أقول لا,, لينا في صحوي و في منامي,, ,, لينا لاتشبعها
الكلمات ,, لينا تعشق الورود,, تعشق السفر,, تعشق الليل و معها كنت أنا الفارس المغوار صانع البهجة,, ,, لينا سيدة الموقف.
يقول
الأديب أبو منصور الثعالبي في فقه اللغة: أول مراتب الحب : الهوى ثم العلاقة وهو الحب
الملازم للقلب . ثم الكلف : وهو شدة الحب ثم العشق : وهو أكثر من
الحب ثم الشغف : وهو إحراق الحب القلب مع لذة يجدها ...
وهو أن يبلغ الحب شغاف القلب وهي جلدته ثم جوى : وهو الهوى الباطن ثم التيم : وهو أن
يستعبده الحب ثم التبل : وهو أن يسقمه الهوى ثم التدله : وهو ذهاب
العقل من الهوى ثم الهيام : وهو أن يذهب على وجهه لغلبة الهوى عليه و انا لا استطيع
الجزم بأي مرحلة في الحب انا ,, لكني غرقت و لاسبيل للخلاص يالينا.
المشهد الثاني:
لا أستطيع النوم ،، حانت مني التفاتة لسلمى
الغارقة في النوم بجواري تسألت حقا هل ناديت لينا و أنا معها، هل انتبهت أم حالت نشوتها دون سماعها كلماتي،، نظرت إلى فقرات ظهرها الناتئة خلف الغلالة الحريرة
لماذا تبدوا ضئيلة هكذا!! تذكرت ارتعاشتها بين يدي و اطباق عينيها!! مالون عينيها!
كيف أني لا أذكر من عينيها سوى اطباقهما،،، عنقها نحيل تلتصق به خصلات شعرها
المبتلة ،، شفتاها الباهتتان،، لماذا تزوجتها!
هل هكذا تزوجتها!!! خرجت متسللا لغرفة المعيشة اضع السي دي في جهاز الكمبيوتر،،
هذه سلمى في ثوبها الأبيض مشرقة كأنها ملكة يوم تتويجها،، يالله ماهذه الرقة تتأبط
ذراعي كأميرة ،، تتمايل بخفة في رقصتنا الأولى أهمس لها بشيء ما في أذنها لا أذكر بماذا
كنت أهمس لها، اضغط زر التثبيت تتوقف الحركة على وجهها و أنا محني عليها يعلو
وجهها شيء ما يشبه الجذل الذي أراه جليا في عيني لينا،، ماذا كنت اقول لها ياترى
لتضيء بهذه الطريقة و لماذا لا أتذكره،، جفلت عندما جاءني صوتها من خلفي بوجهها
الباهت و شعرها القصير الأسود تتخلله الخصل الذهبية قالت " كنت بتقولي ان الحب درجات أولها الهوى ثم العلاقة وهو الحب الملازم للقلب،. ثم الكلف : وهو شدة الحب ثم العشق : وهو أكثر من الحب ثم الشغف : وهو إحراق الحب القلب مع لذة يجدها ... وهو أن يبلغ الحب شغاف القلب وهي جلدته" جلست بجواري على الأريكة و هي تضغط زر التشغيل قالت "ثم جوى : وهو الهوى الباطن ثم التيم : وهو أن يستعبده الحب ثم التبل : وهو أن يسقمه الهوى ثم التدله : وهو ذهاب العقل من الهوى" .. ضغطت زر
ايقاف الحركة لتقف الشاشة مجددا و انها احملها بين ذراعي عاليا و الكل يصفق
بانبهار و سعادة،، نظرت في عيني و اكملت " ثم الهيام : وهو أن يذهب على وجهه لغلبة الهوى عليه، بعدين قلتلي يخرب بيته سيدنا أبومنصور ده مكنش محتاج ده كله كفايه يفتح صدري و يشوفك مربعة جواه! " نزلت
دموع صامتة على وجهها و عينها معلقتين على شفتي تنتظران ردي و أنا كأي نذل
سكت،،أجل أنا قلت،، و تدللت و عشقت ،، انا من اجلها دبرت المكائد و احتلت حتى أنول
منها نظرة ،، أنا من أجل الشفتان الباهتتان تلكما تلظيت و سهرت،، ليالي حلمت أن أمشط
شعرها القصير و أقبل عنقها الذي كان مرمريا،، أنا قلت لها أني ُفتنت و أنها
معبودتي و أني في محرابها ناسك متعبد و أن و أن و أن،،،
و كعادتها دائما نهضت و
اقتربت و جلست بجواري يداها الهزيلة فوق يدي القويتين قالت " لينا!! هذا هو
اسمها! " دارت بي الدنيا،، متى نطقت!!! نظرت إلى وجهي المرتعد و زاد اطباق
يديها الهزيلتين على يدي قالت "كنت بتناديها و أنت معايا ،، و أنت في
حضني ،، أنا كنت عارفة ياخالد، كان فاضل بس اسمها علشان أتأكد أنه مش خيالي و إن لينا ست جديدة و
قصة جديدة و حالة عشق جديدة و إني حستناك تاني ترجعلي و حستناك تاني تبكيلي،،، أنت
فاكر إني مكنتش بحس بيك و انت راجع متأخر زي طفل مزوغ من المدرسة و تجري علي
تستخبى مني فيا و تعمل اللي عليك و تحضني أوي علشان أحس إنك لسه بتحبني،، شرايط أم
كلثوم اللي رجعت تاني في عربيتك ،،، السفريات الكتير اللي بقيت بتعوضني بيها عن
سفرك لوحدك لمه اسألك تقولي علشان مش قادر اخدك معايا وقت الشغل حخدك و احنا لوحدنا
و افرح ان احنا مع بعض لوحدنا الاقيك أنت اللي لوحدك هيمان في غيري بتسترجع
ذكرياتك لوحدك كأنك بتذاكر نفس المشهد علشان يفضل في خيالك ، فاكر المتردوتيل لمه
سألك و احنا في فرنسا عنها و خوفك إني اكون فهمت هو بيقولك ايه و شوية اطمئنان
جواك إن فرنسيتي مش بالاتقان ده علشان افهم و اركز و نسيت برضة اني قلتلك مادام
حنسافر فرنسا كتير كده يبقى أحسن إني ارجع اذاكر الفرنساوي من الأول،،
الورد اللي بعته على البيت بالغلط مفيهوش اسم لكن كنت كاتب عليه "ما ذنبي إن
جاءني حبك في شكل خطيئة؟" فاروق جويدة ياخالد,, قلتلها كمان "فهل أرتاح بعض الوقت في عينيك...أم أمضي مع الأحزان...وهل في الناس من يعطي
بلا ثمن. بلا دين. بلا ميزان؟...أريحيني على صدرك " و ازاي قدرت تحبها زي و تساويها
بيا,, و تقولها الشعر اللي كنت بتقولهولي! ؟ مشكلتي معاك من الأول ياخالد إني وافقت اكون كل حاجة في حياتك حتى الاستيكة اللي تمسح بيها غلطاتك،، مشكلتي إني
صدقت نفسي و غروري صورلي إنك دايما حترجعلي بعد ماتجرب كل حاجة و بعد خذلان كل
الستات اللي جريت وراهم ،، تصورت اني حفضل كل الستات في نظرك،، تصورت اني اقدر
اكون الحسنة الوحيدة في حياتك ،، غلطت! تصورت إني حنسى!! مش عارفة حنسى ايه و لا ايه ، ريحتها اللي على جلدك و لا ريحة اللي قبلها,, صوتك و أنت بتقول اسمها,, انسى اللي قريته على
موبايلك و لا اللي هي بعتتهولك و لا اللي بتقوله و أنت نايم بتحلم بيها,, اقدر
اسامحك؟؟! المهم ترجع لي أنا!! تنام في حضني أنا!! إن اسمي على اسمك!! إن البيت ده
بيتي!! كنت فاكره إني و أنا بحافظ على حيطان البيت ده إني بحافظ على حيطان قلبك, ,
بصيت في المرايا مصدقتش اللي بشوفه,, مين دي,, أنا أمتى بقيت وحشة كده,, أمتى خسيت
حد الهزال كده,,أمتى الضحكه ماتت على شفايفي و أمتى النور اللي في عيني انطفىء .. أمتى
عجزت كده"
سكتت سلمى تركتني و نهضت
عائدة الى حجرة نومنا.
المشهد الثالث:
سلمى لم تبك، سلمى تعتقد أنها خانعة و ضعيفة و أنا لطالما اعتقدت أنها الطرف الأقوى في العلاقة,, أنا أحب
سلمى الحق أني لم أتوقف عن حبها أبدا,,هي ليست امرأة عادية تملك القدرة أن
تجعل من كل حدث صغير معجزة تتحرك،، لديها من الشجاعة ما استطاعت به اقتحامي،،
تجريدي من مظاهر القسوة التي غلفت بها ملامحي،، كسرت الحاجز الزجاجي الذي خبأت خلفه
كل قناعاتي عن الحب و التعلق،،، هي التي احبتني أولاً، هي التي باحت بعشقها و
بهرتني بعطائها،، لم تكن تكتفي بلفظة احبك كانت لها جملها الغير عادية،، كم ليلة
قضيتها بين ذراعيها أبكي ضعفي و أتعرى أمامها من ذكورة معقدة،، بحت لها بمخاوفي
فلم تسخر مني لكن احتوتني بين ضلوعها أكثر ،، لم تحكم علي من مواقفي الحمقاء،، لم
تتركني عندما كنت نذلا جبانا ،،، تكورت على نفسها وحيدة و لم تسمح لي برؤية جراحها
فضلت حتى اللحظات الاخيرة ان تبقى شامخة ،، خرجت من حياتي بخروجها في تلك اللحظة ،، لحظة البوح القاتلة ،،لو أني استعيد الكلمة التي قلتها،، متى ناديتك يالينا
ياغاوية،، يقول فيتزجيرالد "لست معتادا على الحب, لا أعرف ماذا أفعل" انا
ايضا لست معتادا على الحب انا فقط آخذه" لم اعرف ابدا في اي مراحل الحب أنا،، كل
ما أعرفه أني اغرق منذ زمن و لاأقوى على التحرر منها،،هي تحررت مني،، كانت سجاني
و ضحيتي،، أحببتك يا سلمى فقتلتك.
المجد للشيطان الذي غوى
و لتحل اللعنات على شيطاني الذي صور لي سلمى تعفو و تصفح..
سلمى لم تعف و لم تصفح.