الأربعاء، 21 أكتوبر 2015

الشيطان الذي غوى




المشهد الأول:
أطرق و هي تفتح له الباب بنصف جسد و رأس،، تذكر "الصمت في حرم الجمال جمال"  هذا هو الجمال اذا
ابتسامتها العذبة و شفتها السفلى المحنية في عبث ، قطرات الماء التي تتساقط من حلمة أذنها الصغيرة جدا و خصلات شعرها المبتل الملتصقة بعنقها الطويل المرمري!! تلعثم يالله يا خالد ماهذا الذي يحدث لك،، القلب ليس في مكانه هوى حتى القاع و على وشك أن ينسحق،، يبحث عن مخارج الحروف لايجدها،، مد يده كطفل صغير بحقيبة السفر تذكر أخيرا لماذا هو هنا،، خرج صوته مضطربا انا خالد كنت قابلت أحمد و.... ضحكت جذلة و هي تفتح الباب على مصراعيه تدعوه للدخول مرحبة، جذبته من يده و هي تقول طبعا انت خالد ،، لا يعرف أصلا لسعادته ،هل كل هذا لأنها تعرفه!! نادت على والدتها بمرح و انطلاق،، ماما ياماما خالد صاحب أحمد وصل،، كنت أتأمل قوامها الصغير في البنطال الرياضي و التي شيرت البولو الأبيض ،قدماها الصغيرتان الحافيتان تمشي كأنها ترقص خطواتها واسعة و خفيفة كأنها تحلق، ارتبكت أنا عندما التفت إلي متسائلة عن أحمد ، اتسعت ضحكتها و هي تشاهد ارتباكي, جاءت تجلس بجواري اقتربت جدا حتى أني كنت أشم رائحة جلدها ممزوجة بشيء يشبه الفاكهة وقت الحصاد، دخلت والدتها و حيتني بحرارة هي الأخرى ، لا أعلم كم مر من الوقت و أنا غارق في عيني لينا  الذهبيتين الغاويتين أحكي عن أحمد و مشاق السفر و متاعب الغربة،،غارق في شفتاها المكتنزتان و أحمر الشفاه الوردي و مع كل كلمة تنطقها أكاد أموت شوقا لألتهم الشفتين, شربت العصير و اتغدينا و حان وقت الاستئذان ودعتهما على وعد بأن أحضر مرات أخرى ، خرجت لا أقوى على التنفس،، و كأنها المرة الأولى ، المجد للشيطان هكذا الغواية اذا. 
كنت قد رحلت من عشر دقائق لأجدها تحادثني على الهاتف النقال يالله ماهذا الصوت،، هل هو سحر الكلمات أم أنها هي الساحرة،،، قالت بتلقائيتها المعهودة "حاسة إني أعرفك من زمان،، و بعدين شكلك حنين اوي،، حتى ماما قالت كده مين بيشيل شنطة قد الداهية مش بتاعته سكة سفر زي دي و كمان توصلها تاني يوم على طول كده،، سكتت و أنا قلبي سيخرج من بين ضلوعي،، رفقا يا لينا بهذا القلب قالت أنت ساكت ليه أوعى أكون ضايقتك بتليفوني،، أنا حسيت إن احنا لازم نشكرك أكتر من كده ،،، أسرعت ألملم شتات نفسي المبعثرة و أنا أقسم لها أني في منتهى السعادة من هاتفها أعلن نفسي السيد المصون المسئول عنها و عن الست والدتها،، من أين جاءتني هذه القوة خصوصا الموضوع بقى فيه الست والدتها!! و مع ضحكتها الرقيقة و اعلانها الموافقة المبدئية أن تكون تحت وصايتي رفع قلبي رايته البيضاء مسلما.
ركبت سيارتي في ذلك الصباح ,, صدحت أم كلثوم منتشية "مقدرش على بعد حبيبي أنا لي مين إلا حبيبي" و أنا من لي سواك يالينا ،،، ملئت على حياتي ليالي طويلة قضيتها أسمع أم كلثوم و انتشي بشراب الحب،، ماعدت افعل شيء لاتشاركني فيه و هي الصغيرة المدللة الآمرة الناهية فالجمال ما تراه جميل و القبح ما تنفر منه و الواجب ما تطلبه و لا أملك من أمر نفسي شيئا.
أتمناها أجل لكن الامر لم يكن شهوة رجل و امرأة أو هكذا شرعت لي نفسي ، هو كما قال شمس التبريزي احذر الكثير من النشوة بينما في الحب لا تكترث أقدم عليه،،، و أنا أحبها و لا استطيع فراقها،،الامر لم يعد قبلة أو حضن،، لقائتنا صارت أكثر حميمية , لينا تفعل كل شيء ,,لينا لا تقول لا أبدا,, لينا تأكلني حيا,, سقطت في براثنها و ماعدت أقوى أن أقول لا,, لينا في صحوي و في منامي,, ,, لينا لاتشبعها الكلمات ,, لينا تعشق الورود,, تعشق السفر,, تعشق الليل و معها كنت أنا الفارس المغوار صانع البهجة,, ,, لينا سيدة الموقف.   
يقول الأديب أبو منصور الثعالبي في فقه اللغة: أول مراتب الحب : الهوى ثم العلاقة وهو الحب الملازم للقلبثم الكلف : وهو شدة الحب ثم العشق : وهو أكثر من الحب ثم الشغف : وهو إحراق الحب القلب مع لذة يجدها ... وهو أن يبلغ الحب شغاف القلب وهي جلدته  ثم جوى : وهو الهوى الباطن ثم التيم : وهو أن يستعبده الحب ثم التبل : وهو أن يسقمه الهوى ثم التدله : وهو ذهاب العقل من الهوى ثم الهيام : وهو أن يذهب على وجهه لغلبة الهوى عليه و انا لا استطيع الجزم بأي مرحلة في الحب انا ,, لكني غرقت و لاسبيل للخلاص يالينا.

المشهد الثاني:
لا أستطيع النوم ،، حانت مني التفاتة لسلمى الغارقة في النوم بجواري تسألت حقا هل ناديت لينا و أنا معها، هل انتبهت أم حالت نشوتها دون سماعها كلماتي،، نظرت إلى فقرات ظهرها الناتئة خلف الغلالة الحريرة لماذا تبدوا ضئيلة هكذا!! تذكرت ارتعاشتها بين يدي و اطباق عينيها!! مالون عينيها! كيف أني لا أذكر من عينيها سوى اطباقهما،،، عنقها نحيل تلتصق به خصلات شعرها المبتلة ،، شفتاها الباهتتان،،  لماذا تزوجتها! هل هكذا تزوجتها!!! خرجت متسللا لغرفة المعيشة اضع السي دي في جهاز الكمبيوتر،، هذه سلمى في ثوبها الأبيض مشرقة كأنها ملكة يوم تتويجها،، يالله ماهذه الرقة تتأبط ذراعي كأميرة ،، تتمايل بخفة في رقصتنا الأولى أهمس لها بشيء ما في أذنها لا أذكر بماذا كنت أهمس لها، اضغط زر التثبيت تتوقف الحركة على وجهها و أنا محني عليها يعلو وجهها شيء ما يشبه الجذل الذي أراه جليا في عيني لينا،، ماذا كنت اقول لها ياترى لتضيء بهذه الطريقة و لماذا لا أتذكره،، جفلت عندما جاءني صوتها من خلفي بوجهها الباهت و شعرها القصير الأسود تتخلله الخصل الذهبية قالت " كنت بتقولي ان  الحب درجات أولها الهوى ثم العلاقة وهو الحب الملازم للقلب،ثم الكلف : وهو شدة الحب ثم العشق : وهو أكثر من الحب ثم الشغف : وهو إحراق الحب القلب مع لذة يجدها ... وهو أن يبلغ الحب شغاف القلب وهي جلدته"  جلست بجواري على الأريكة و هي تضغط زر التشغيل قالت "ثم جوى : وهو الهوى الباطن ثم التيم : وهو أن يستعبده الحب ثم التبل : وهو أن يسقمه الهوى ثم التدله : وهو ذهاب العقل من الهوى"  .. ضغطت زر ايقاف الحركة لتقف الشاشة مجددا و انها احملها بين ذراعي عاليا و الكل يصفق بانبهار و سعادة،، نظرت في عيني و اكملت " ثم الهيام : وهو أن يذهب على وجهه لغلبة الهوى عليه، بعدين قلتلي يخرب بيته سيدنا أبومنصور ده مكنش محتاج ده كله كفايه يفتح صدري و يشوفك مربعة جواه! " نزلت دموع صامتة على وجهها و عينها معلقتين على شفتي تنتظران ردي و أنا كأي نذل سكت،،أجل أنا قلت،، و تدللت و عشقت ،، انا من اجلها دبرت المكائد و احتلت حتى أنول منها نظرة ،، أنا من أجل الشفتان الباهتتان تلكما تلظيت و سهرت،، ليالي حلمت أن أمشط شعرها القصير و أقبل عنقها الذي كان مرمريا،، أنا قلت لها أني ُفتنت و أنها معبودتي و أني في محرابها ناسك متعبد و أن و أن و أن،،،
و كعادتها دائما نهضت و اقتربت و جلست بجواري يداها الهزيلة فوق يدي القويتين قالت " لينا!! هذا هو اسمها! " دارت بي الدنيا،، متى نطقت!!! نظرت إلى وجهي المرتعد و زاد اطباق يديها الهزيلتين على يدي قالت  "كنت بتناديها و أنت معايا ،، و أنت في حضني ،، أنا كنت عارفة ياخالد، كان فاضل بس اسمها علشان أتأكد أنه مش خيالي و إن لينا ست جديدة  و قصة جديدة و حالة عشق جديدة و إني حستناك تاني ترجعلي و حستناك تاني تبكيلي،،، أنت فاكر إني مكنتش بحس بيك و انت راجع متأخر زي طفل مزوغ من المدرسة و تجري علي تستخبى مني فيا و تعمل اللي عليك و تحضني أوي علشان أحس إنك لسه بتحبني،، شرايط أم كلثوم اللي رجعت تاني في عربيتك ،،، السفريات الكتير اللي بقيت بتعوضني بيها عن سفرك لوحدك لمه اسألك تقولي علشان مش قادر اخدك معايا وقت الشغل حخدك و احنا لوحدنا و افرح ان احنا مع بعض لوحدنا الاقيك أنت اللي لوحدك هيمان في غيري بتسترجع ذكرياتك لوحدك كأنك بتذاكر نفس المشهد علشان يفضل في خيالك ، فاكر المتردوتيل لمه سألك و احنا في فرنسا عنها و خوفك إني اكون فهمت هو بيقولك ايه و شوية اطمئنان جواك إن فرنسيتي مش بالاتقان ده علشان افهم و اركز و نسيت برضة اني قلتلك مادام حنسافر فرنسا كتير كده يبقى أحسن إني ارجع اذاكر الفرنساوي من الأول،، الورد اللي بعته على البيت بالغلط مفيهوش اسم لكن كنت كاتب عليه "ما ذنبي إن جاءني حبك في شكل خطيئة؟" فاروق جويدة ياخالد,, قلتلها كمان  "فهل أرتاح بعض الوقت في عينيك...أم أمضي مع الأحزان...وهل في الناس من يعطي
بلا ثمن. بلا دين. بلا ميزان؟...أريحيني على صدرك " و ازاي قدرت تحبها زي و تساويها بيا,, و تقولها الشعر اللي كنت بتقولهولي! ؟  مشكلتي معاك من الأول ياخالد إني وافقت اكون كل حاجة في حياتك حتى الاستيكة اللي تمسح بيها غلطاتك،، مشكلتي إني صدقت نفسي و غروري صورلي إنك دايما حترجعلي بعد ماتجرب كل حاجة و بعد خذلان كل الستات اللي جريت وراهم ،، تصورت اني حفضل كل الستات في نظرك،، تصورت اني اقدر اكون الحسنة الوحيدة في حياتك ،، غلطت! تصورت إني حنسى!! مش عارفة حنسى ايه و لا ايه ، ريحتها اللي على جلدك و لا ريحة اللي قبلها,, صوتك و أنت بتقول اسمها,, انسى اللي قريته على موبايلك و لا اللي هي بعتتهولك و لا اللي بتقوله و أنت نايم بتحلم بيها,, اقدر اسامحك؟؟! المهم ترجع لي أنا!! تنام في حضني أنا!! إن اسمي على اسمك!! إن البيت ده بيتي!! كنت فاكره إني و أنا بحافظ على حيطان البيت ده إني بحافظ على حيطان قلبك, , بصيت في المرايا مصدقتش اللي بشوفه,, مين دي,, أنا أمتى بقيت وحشة كده,, أمتى خسيت حد الهزال كده,,أمتى الضحكه ماتت على شفايفي و أمتى النور اللي في عيني انطفىء .. أمتى عجزت كده"
سكتت سلمى تركتني و نهضت عائدة الى حجرة نومنا.

المشهد الثالث:
سلمى لم تبك، سلمى تعتقد أنها خانعة و ضعيفة و أنا لطالما اعتقدت أنها الطرف الأقوى في العلاقة,, أنا أحب سلمى الحق أني لم أتوقف عن حبها أبدا,,هي ليست امرأة عادية تملك القدرة أن تجعل من كل حدث صغير معجزة تتحرك،، لديها من الشجاعة ما استطاعت به اقتحامي،، تجريدي من مظاهر القسوة التي غلفت بها ملامحي،، كسرت الحاجز الزجاجي الذي خبأت خلفه كل قناعاتي عن الحب و التعلق،،، هي التي احبتني أولاً، هي التي باحت بعشقها و بهرتني بعطائها،، لم تكن تكتفي بلفظة احبك كانت لها جملها الغير عادية،، كم ليلة قضيتها بين ذراعيها أبكي ضعفي و أتعرى أمامها من ذكورة معقدة،، بحت لها بمخاوفي فلم تسخر مني لكن احتوتني بين ضلوعها أكثر ،، لم تحكم علي من مواقفي الحمقاء،، لم تتركني عندما كنت نذلا جبانا ،،، تكورت على نفسها وحيدة و لم تسمح لي برؤية جراحها فضلت حتى اللحظات الاخيرة ان تبقى شامخة ،، خرجت من حياتي بخروجها في تلك اللحظة ،، لحظة البوح القاتلة ،،لو أني استعيد الكلمة التي قلتها،، متى ناديتك يالينا ياغاوية،، يقول فيتزجيرالد "لست معتادا على الحب, لا أعرف ماذا أفعل" انا ايضا لست معتادا على الحب انا فقط آخذه"  لم اعرف ابدا في اي مراحل الحب أنا،، كل ما أعرفه أني اغرق منذ زمن و لاأقوى على التحرر منها،،هي تحررت مني،، كانت سجاني و ضحيتي،، أحببتك يا سلمى فقتلتك.
المجد للشيطان الذي غوى و لتحل اللعنات على شيطاني الذي صور لي سلمى تعفو و تصفح..
سلمى لم تعف و لم تصفح.
 

الاثنين، 12 أكتوبر 2015

أنا صاحب النور



قراءة في رائعة يوسف ادريس أكان لابد يالي لي أن تضيئي النور 



 في البدء كان النور داخل قلوب الواعظين و الشيوخ، هو حكر عليهم..حرام على من سواهم
وحدهم صالحون،، وحدهم آمرون،،وحدهم دون سواهم يمنحون صكوك الغفران، و الشيخ عبدالعال إمام جامع الشبوكشي في الباطنية كان أحدهم و أنه بأعوامه الخامسة و العشرين قادر أن يهدي القلوب،، هو الذي يبدأ كلامه بأنا و ينهيه بأنا!!!
"أنا قطعًا سبحان خالق الأصباح
أنا أؤذن لنفسي
أنا أؤذن ليُغفر " لسكان الحي النائم منهم و اليقظان
أنا خير مبشر و مبين
أنا متبتل"
أنا صاحب الصوت 
أنا أكبر من أن أخطأ 
أنا أرى الشيطان وجهًا لوجه و لا أعود أغض البصر، أصبحت بعينين واسعتين أحدق، بعيني أنهر و من خلالهما أصعق السائلة بنظرة تتفجر بإيمان كثيف يضيق به القلب.
أنا القائل " النور لابد من الداخل..من القلب.. نورك في إيدك"
أنا امتلك النور و الناس انفرد بهم الشيطان كثيرًا حتى لم يعودوا يعرفون طريقًا آخر غير طريق الضلال
أنا ادعو الله "يارب.."
بعد التسابيح الخاشعة، أطلقها حادة مدببة لانهاية لطولها، تقطع في ومضة كل مابين الأرض و السماء لتصل إليه في الملأ الأعلى
من أعماقي تخرج و إلى السماء تصعد مستحيلة من شيء أرضي إلى كائن سماوي
أطلقها قوية لتحمل كل ضعف البشر، كل عجزهم و محدوديتهم،، تستغيث بالقادر اللامحدود

تجسد شيطاني كاملا غير منقوص.. اسمه لي لي
و لأني أعرف أنك خلقتني وحدي كان لابد أن أُمتحن و أعرف أني لو نجحت فسوف أعرف أني بالقبول جدير و سأجعله ياربي امتحانًا صعبًا..
لن أهرب
سأضاعف الإغراء، 
سأنظر و سأعاود النظر، 
سأرتكب الذنب الأصغر ليتعاظم انتصاري على الذنب الأكبر
نظرت،،
تكبرت،،
و سقطت..

تصورت أني قوي وحدي و سأقهر شيطاني 
صرخت يارب
قُتل الإنسان ماأكفره،، ما أكفرني حين تصورت أني وحدي أقهر الشيطان
لم أكن أعرف أني بهذا الضعف
"يارب
يا سميعي و لامجيب سواك
يا مدرك عجزي و أنت القوة
يا مانح العبد الإرادة
يا أنت الذي تعلم مابي
رحماك يارب"
 كنت في قوتي موهوم،،صرت في كِبري أرتع!
ظننت الخلاص بيدي 
إن كان بصري قد ضاع فلازلت امتلك الصوت و الحنجرة
انطلقت بصوتي أُقاتل
"يارب"
كم مرة قيلت، كم مرة تلونت و طالت،، و رقت!

و نويت الصلاة
هل كنت أهلا لها! نعم فقد انتصرت حين عاد إلي بصري أو هكذا ظننت و أنا أرى لي لي زائغة مبعثرة على حافة سريرها الخشبي في الغرفة مضاءة النور!
ظننت أني من غوايتها نجوت
استقبلت القبلة و نويت،،
نويت غيرها
الشيطان انتصر حينما ظننت أني انتصرت
آفة الانسان الكبر..
انطفأ النور يا لي لي.



الأحد، 4 أكتوبر 2015

رسالة إلى السيدة ميم: البداية

عزيزتي ميم
كبرتي و بقيتي عروسة!! كليشيه أوي الجملة دي لكنها الحقيقة ياصغيرتي، فاليوم و أنا أراك بالأبيض رائقة ككريستالة، جميلة كأوركيدة وحيدة تحلقت حولها كل العيون رأيت أنا صغيرتي ميم حلمي منذ ذاك الزمان غير البعيد و أنتي تخرجي من عباءة الطفولة و تحلي ضفائرك و تتأهبي للحق بركب الحياة، أذكر أحاديثنا الليلية المتفرقة و عيناك المتعلقتان بكلماتي كطوق نجاة،، أذكر تحديدا أني تسألت مرارا إن كان من المناسب أن أنقل إليك زحمة أفكاري و إن كانت بسيطة فقد كانت كل ماأملك، أذكر التماعة عيناك و أنا أحدثك عن أمل دنقل و نزار و القراءة و الكتابة و الحب و الرومانسية و المثالية،، هل كان من المناسب حقا كل هذا التعقيد،، كنتي حلمي أن يكون لي من دمي أخت ثم إبنة لكن لم يكن ما تمنيته و كنتي أنتي أجمل من أي شيء تمنيته بجمالك و تلقائيتك و طيبتك و ثقافتك و حب الناس لكي،،، مش بقولك يا عزيزتي ميم بقيتي عروسة و مش أي عروسة عروسة من أبهى ما خلق الله و في أعز صوره ،، انعقد لساني حين رأيتك، ما أصنع و أي قول يوفي هذه اللحظة البهية جلالها،،، فضلت أن أنتحي جانبا و هي عادة لا أسكت الله لها حسا و أظنها ستمتد دهرا و أشاهدك تكبرين و تلحقي بركب اخر و حكايات اخرى و عالم جديد و لم يثلج قلبي سوى صغيرتي التي احتضنتني و اختصتني بصورة وحدي.
افرح عزيزتي ميم،، و للحديث بقية

السبت، 3 أكتوبر 2015

رسالة إلى السيدة ميم: مفيش ست تستاهل (الرسالة السابعة)

The painting belongs to Waldemar Von Kazak

عزيزتي ميم  
قابلته،، لن تصدقي،، هو، فتى الشاشة هل كان هذا لقبه؟؟ أكاد أقسم أني أرى ضحكة عابثة تعلو وجهك الصبوح،، أعرف لأن الضحكة العابثة ذاتها علت وجهي حين رأيته، أعرف أنكِ تقفزين الآن من جلستك المريحة في الأريكة البيضاء الكبيرة تكادِ تموتِ شوقا لتعرفي أين و كيف و متى و إن كنا تجاذبنا أطراف الحديث؟؟! مثلك تساءلت أنا إن كان مازال يذكرني؟!!  و قبل أن أجيبك عن هذا السؤال عزيزتي دعيني أخبرك أنه لم يتغير، كم صار عمره الآن هل قارب الأربعين،، زادته السنين بهاء ،، مازال فتى الشاشة الذي هامت به فتيات الجامعة الخليط العجيب من كليف اوون و هيو جرانت و براد بيت،، أجل يا عزيزتي ميم لقد عادت إلي الذكريات دفعة واحدة،، كيف كانت خطوته؟! مابين المشي و الهرولة مانحة الطاقة هل كنا نقول أنه ك "ريد بول" بيعطيكي جوانح! ما كل هذا الهزل اضحكي فهو لا يعلم أو ربما يعلم فمثله لاتخفى عليه خافية! مضت هذه السنين بعبثها و برائتها يا ميم و بقيت الذكريات! أو هكذا انتويت و أنا أدير له ظهري عندما سمعت حروف اسمي تتشكل في الهواء مبعثرة هكذا كانت أو هكذا كنت أنا، التفت إليه غير مصدقة و أنا أحيه تذكرت أيضا أن مصافحته كانت غير عادية لديه من القدرة و بسلام بسيط جدا أن يشعر السيدة التي تقف أمامه أنها ملكة متوجة و كأنه سكب النور في قلبي لا أعلم كيف قررت أن أنحي خطاب البنك جانبا و أدعوه أو ربما هو الذي دعاني لفنجان قهوة، أجل يا عزيزتي ميم لقد كنت في البنك من أجل ذلك الخطاب الذي أخبرتك عنه سابقا في التاسعة صباحا و بدون مساحيق التجميل و بهالات الأرق المزمن كنت أقف أحييه سعيدة بهذا اللقاء الغير مرتقب،، هل أسمعكِ تذكريني بنصيحتك للمرة الألف و واحد أن لا أخطو خارج البيت خطوة بدون أحمر الشفاه و قلم الكحل الداكن حسنا اذن لم أنفذ نصيحتك هذه المرة أيضا.
هل كانت صدفة أن تكون أغنية داليدا بارولي بارولي هي الصادحة في المكان،،، ماذا يمكن أن يحدث لي أنا ايضا في هذا الصباح، كان يقلب السكر في فنجانه غير آبه لي،، استطعت أن أتأمله و هو على حالته تلك من الاستغراق لقد نال منه الشيب هو أيضًا، بضع كسرات في زوايا عينيه و تيبس غير مرئي في فكه السفلي، "لا يبدو سعيدا" قلتها بصوت عالٍ بدون أن أشعر ،التفت إلي بنصف ابتسامة و همهم بصوت حزين "أجل لست سعيدا" الكلمة كانت أكبر من احتمالي يا ميم ماذا فعلت بنفسي و هل يجوز أن أسأله!؟ لم يمهلني طفق كشلالٍ جارف يتحدث عنها! على مهلك ليست من تظنين كان يتحدث عن السيدة التي شكلت الرجل الذي هو عليه الآن عن والدته! قال لي تذكرينها؟ و أكدت على كلامه و كيف لا و هي سيدة المجتمع الراقي الهاشة الباشة، لا أعلم هل كانت التماعة عينيه من الدموع أم ماذا لكن حرارة كلماته كادت تبكيني قال ربتني سيدة عظيمة كنت أنا و هي و أخي الأصغر كانت المهام موزعة علينا ثلاثتنا لم يكن هناك رجل و امرأة في منزلنا كنا ثلاثة أشخاص، منذ نعومة أظافري و أنا أرتب سريري و أحضر طبق السلطة أو أكنس السجاد بالمكنسة الكهربائية، قد تكون أمي مسافرة فأنزل لأبتاع الخبز البلدي من الفرن و يجهز أخي طبق الفول بزيت الزيتون و الليمون، تنحنح محرجا و هو يقول أن أمه علمته أنه لابأس أن يحضر لها حبات البنادول المسكنة كلما زارتها صديقتها الشهرية و لزمت الفراش و يصنع لها فنجان البابونج المهدىء للأعصاب،،، اعتقدت لوهلة أنه حزين لفراقها يا ميم لكنه أكد لي أنها حية ترزق أدام الله عليها الصحة و العافية! و لم يكن هناك مفر من ذاك السؤال فسألته هل تزوجت؟ أطرق في ضيق و قال أنه تزوج و طلق و له منها ابنة و ابن،، لم أرد أن اسأله عن زيجة انتهت فقلت لمَ لم تتزوج مرة أخرى؟؟ "مفيش ست تستاهل" أجل يا عزيزتي ميم لقد قالها!!  لا أعلم لمَ لم أغضب على العكس تماما هززت رأسي متفهمة فأكمل كنا زوجين سعيدين أو هكذا كنت أعتقد كانت تبدو مندهشة من اهتمامي بتفاصيلها الصغيرة تفرح اذا ذهبت معها لتشتري ثيابا جديدة،، إن اخذتها للسينما،، كنا نقضي كل الوقت في الشارع،، في النادي،، مع صديقاتها و لم  أعترض كنت أريد اسعادها،، كنت أحتمل حساسيتها المفرطة في وقت حملها و حتى بعد ولادة طفلتنا الأولى ،، كنت أساعدها في الاعتناء بالطفلة  في كل كبيرة و صغيرة حتى تغيير الحفاضات و مواعيد التطعيم و زيارات طبيب الأطفال،، لم يكن انتقاصا لرجولتي حرصي عليها و فهمي لطبيعتها المختلفة عني و حاجتها للحب و التدليل لكن كلما زاد اهتمامي زادت لامبالاتها ،، كلما قدمت أكثر قل تقديرها،،ارادت خادمة و مربية،، ثم توقفت عن الطهو،،،تسائلت حقا إن كانت حاولت في يوم اسعادي!! تنفر من اصدقائي و من أمي و مني أنا شخصيًا، ثم ..و تلعثم قليلا و سكت و عرفت أنا ماذا يريد أن يقول و فهمت بأنه يبحث عن صيغة مناسبة لما يريد قوله فهي طعنة في صميم رجولته و لم أشأ أن أقاطعه تركته لحبل أفكاره و صمته،، قلت ربما يكتفي بهذا الجزء من الجرح الذي نكأه بنفسه لكنه أبى إلا أن تسيل الدماء و تتعرى الحقيقة تماما كنا أنهينا فنجانين من القهوة و انتصف النهار عندما رفع رأسه إلي بغضب قال إن ابنه كان نتاج غلطة ثمنها خاتم ماسي قيمته خمسون ألف جنيه،، لقد أجاد التعبير حقا يا عزيزتي ميم، حدثتني صديقة ذات مرة داهشة أنها سمعت مجموعة من السيدات في المترو يتبادلن النصائح فيما يختص بمقايضة كل رغباتهن و كلها رغبات مادية بالجنس قالت ان احداهن كانت تقول نصا اطلبي ما ترغبين في السرير و اتبعت كلامها بغمزة ، سألته كم مضى على الطلاق فأجاب أنه مضى عامان ثم عاجلني أن الاولاد معه هو و أنها لاترغب في حضانتهم،، لم أجد ما أقوله عند هذه المرحلة، أطرق هو برأسه كان حطاما..منكسرًا وحيدا و منعدم الثقة في الأخرين،، لطالما سمعت عن رجال سيئين لكنها المرة الأولى التي أشعر فيها بوضاعة امرأة كأنه قرأ ما يجول بخاطري قال في وجع "يبدو أن القبح ليس حكرا على أحد" شعرت بالخجل من نفسي عزيزتي ميم و تحيزي لأنوثة قد تكون هي الطاغية و حضرتني مقولة همنجواي ريلكه "الدنيا تقتل الطيبين جداً، اللطيفين جدا والشجعان جدا بلا تمييز. تقتلهم بإنصاف" 
دمت لي.